مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج12-ص123
ولان إباحة الميتة للمضطر منصوص عليها، وجواز الاكل من مال الغير بغير إذنه يؤخذ من الاجتهاد.
ولان الميتة يتعلق بها حق واحد لله تعالى، ومال الغير يتعلق به الحقان واشتغال ذمته.
والثاني: أنه يأكل الطعام، لانه قادر على طعام حلال العين، فأشبه ما إذا كان المالك حاضرا وبذله.
والتصرف في مال الغير ينجبر بثبوت عوضه في الذمة.
والثالث: أنه يتخير، لتعارض المعنيين.
والمصنف – رحمه الله – بعد أن حكم بتقديم الميتة على تقدير غيبته – مضافا إلى التفصيل على تقدير الحضور – تردد في الحكم.
وقد ظهر وجه تردده.
وإن كان صاحب الطعام حاضرا، نظر إن بذله بلا عوض وجب على المضطر قبوله.
ولو باعه بثمن المثل فما دون وجب عليه الشراء إن كان الثمن معه، أو رضي المالك بكونه في ذمته.
وكذا لو باع بما يتغابن الناس بمثله.
وإن كان بذله بزيادة كثيرة، ففي تقديمه على الميتة مع القدرة عليه أوجهأحدها أنه لا يلزمه لكن يستحب.
وإذا لم يلزمه الشراء فهو كما لو لم يبذله المالك أصلا، وإذا لم يبذله لم يقاتله عليه المضطر إن كان يخاف من المقاتلة على نفسه أو كان يخاف أن يهلك المالك (1) في المقاتلة، بل يعدل إلى الميتة.
وإن كان لا يخاف لضعف المالك وسهولة دفعه فهو على الخلاف فيما إذا كان غائبا.
والمصنف – رحمه الله – رجح أن يشتريه بالثمن الغالي مع قدرته عليه ولا يأكل الميتة، لانه حينئذ غير مضطر إليها.
ثم يجئ في أن الواجب عليه المسمى أو ثمن المثل ما تقدم.
(1) في الحجريتين: المال.