مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج9-ص207
ولو اضطر إلى الاجابة ب ” نعم ” فقال: نعم، وعنى الابل، أو قال: نعام، وعنى نعام البر، قصدا للتخلص، لم يأثم.
الصحيحة أن يقول: ما فعلت شئ، ف ” ما ” مبتدأ بمعنى الذي، و ” فعلت ” صلتها وعائدها محذوف وهو ضمير المفعول، و ” شئ ” خبر عن الموصول المبتدأ، فلا يظهر العدول إلا مع جهل من حمله على الحلف بالحال.
ولو أراد التورية لكونه خبرا عن الفعل فيما مضى وقد وقع منه وأنكره لمصلحة – وهو معذور في الانكار – فالتورية لاجل الخبر لا لاجل اليمين.
قوله: ” ولو اضطر إلى الاجابة.
الخ “.
هذا أيضا من ضروب التورية بأن يأتي باللفظ المشترك ويقصد من معانيه غير ما يراد عنه في تلك المحاورة، فإنه يخرج بذلك عن الكذب وإن لم يكن يمينا.
ويستفاد من تقييده بالاضطرار ومن الامثلة السابقة أن التورية لا تصح من غير ضرورة، لان إطلاق اللفظ محمول على حقيقته المتبادرة منه، فصرفه إلى مجازه أو نحوه يوهم الكذب.
وقيل: تجوز التورية مطلقا ما لم يكن ظالما، لان العدول عن الحقيقة سائغ، والقصد مخصص.
وهذا هو الاظهر، لكن ينبغي قصره على وجه المصلحة،كما روي عن بعض السلف الصالح أنه كان إذا ناداه أحد ولا يريد الاجتماع به يقول لجاريته: قولي له: اطلبه في المسجد، وكان آخر يخط دائرة في الارض ويضع فيها إصبع الجارية ويقول لها: قولي له: ليس ها هنا واقصدي داخل الدائرة.