مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج8-ص482
ماله أو كسبه بنفقتهم فعليه نفقة الجميع، وإن لم يف بالكل ابتدأ بنفقة نفسه، لأن نفقته مقدمة على جميع الحقوق من الديون وغيرها من أموال المعاوضات، وغاية نفقة الزوجة إلحاقها بذلك، فإن فضل منه نفقة واحد قدم نفقة الزوجة على نفقة الأقا رب.
والفرق بين نفقتهما – مع اشتراكهما في أصل الوجوب – ما أشار إليه المصنف من أن نفقة الزوجة تثبت على وجه المعاوضة على الاستمتاع، وتثبت في الذمة إذا فاتت، بخلاف نفقة القريب، فإنها تثبت لمجرد المواساة، والعوض أولى بالرعاية من المواساة.
ولأنها أقوى من نفقة القريب، ولهذا لا تسقط بغناها ولا بمضي الزمان، بخلاف نفقته.
واعترض بأن نفقتها إذا كانت كذلك كانت كالديون، ونفقة القريب مقدمةعلى الديون كما علم من باب المفلس.
ويؤيده ما روي: ” أن رجلا جاء إلى النبئ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: معي دينار، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أنفقه على نفسك.
فقال: معي آخر، فقال: أنفقه على ولدك.
فقال: معي آخر، فقال: أنفقه على أهلك ” (1) فقدم نفقة الولد على نفقة الأهل كما قدم نفقة النفس على الولد.
ولهذا الخبر ذهب بعض (2) الشافعية إلى أن نفقة الطفل تقدم على نفقة الزوجة.
ويمكن الجواب بأن نفقة الزوجة إنما تكون كالدين مع مضي وقتها، ويلتزم حينئذ بأن نفقة القريب مقدمة على قضائهاكما تقدم على قضاء الدين.
أما الحاضرة فإنها أقوى من الدين، ولذلك قدمت نفقة الزوجة عليه في مال المفلس، ويبقى معها المرجح على نفقة القريب بقوتها بسبب المعاوضة، وثبوتها مع الغنى والفقر، بخلاف
(1) مسند الحميدي 2: 495 ح 1176، سنن أبى داود 2: 132 ح 1691، مسند الشافعي: 266.
مسند أحمد 2: 251.
السنن المأثورة للطحاوي: 393 ح 549.
ولم ترد في المصادر: أنفقه في سبيل الله.
21) روضة الطالبين 6: 500.