مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج8-ص266
واحتج من جعل (الذي بيده عقدة النكاح) الزوج من الآية بأن عقدة النكاح بيد الزوج حقيقة لا بيد ولي الزوجة، لما تقرر من أن من بيده العقدة يقدر على حلها وعقدها، وهذا لا يكون لغير الزوج.
وبأنه تعالى ذكر عفوها الموجب لخلوص الجميع له، ثم عقبه بعفوه الموجب لخلوص الجميع لها، وذلك يوجب المطابقة بين العفوين وتحققه من الجانبين، بخلاف ما إذا جعلناه وليها، فإنه يكون قد أهمل ذكر عفو الزوج رأسا.
وبأنه تعالى قال بعد ذلك: (وأن تعفو أقرب للتقوى) وهو يدل على دخول الزوج في العفو من وجهين: أحدهما: وقوعه بصيغة الخطاب المطابق لخطاب الازواج سابقا كما زعموه في دليلهم السابق (1)، والزوجات وردت بصيغة الغايب.
والثاني: جعله العفو أقرب للتقوى، وعفو الولي لا يوصف بذلك، لانه إسقاط لمال غيره، وغاية تكلفه أنه يقع جايزا لا موجبا للتقوى، بخلاف عفو الزوجين.
والمناسب كون ذلك خطابا للزوجين، وتقديره: وعفو بعضكم عن بعض أقرب للتقوى.
وهذا واضح.
والالتفات من صيغة الغيبة إلى الخطاب على تقدير إرادة كل من الازواج والزوجات حسن أيضا على حد ” إياك نعبد ” بعد قوله ” الحمد لله.
الخ “.
وبأن العفو بجانب المستحق أولى منه بجانب الولى، لانه منصوب لمصلحةالمولى عليه وحفظ ما له لا لاسقاط حقه.
والحق أن الآية محتملة للقولين، وإثبات الحكم بمجرد الاحتمال غير مناسب.
والنقض مسلط على الادلة من الجانبين، خصوصا حكم عفو الولى، فإنه مخالف
(1) لاحظه في ص: 262.