مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج7-ص11
[.
] كونه حصورا، وهو الذي لايشتهي النساء، وقيل: الذي يمكنه أن يأتي ولا يفعله.
(1) واستدل له أيضا بأن في النكاح تعريضا لتحمل حقوق الزوجية، والاشتغال عن كثير من المقاصد الدينية، وحصول الولد الصالح والزوجة الصالحة غير معلوم، وبالذم المتبادر من قوله تعالى: (زين للناس حب الشهوات من النساء) (2) خرجمنه ما أجمع على رجحانه فيبقى الباقي [ على الذم ] (3).
وأجيب: بأن مدح يحيى عليه السلام بذلك لعله مختص بشرعه، فلا يلزم مثله في شرعنا.
وفيه نظر، لأن المدح في كتابنا – وهو شرعنا – مطلق، فلا دلالة على اختصامصه بشرعه.
وعلى تقدير نقله عن شرعه ففي تعديه إلى شرعنا مع نقل القرآن له وعدم الإشارة إلى نسخه دليل على ثبوته.
وكون شرعنا ناسخأ لما قبله من الشرائع يفيد نسخ المجموع من حيث هو مجموع أما الأفراد فلا، للقطع ببقاء كثير منها في شرعنا، كأكل الطيبات ونكاح الحلائل وغير ذلك.
وأجيب أيضا: بانه كان مكلفا بارشاد أهل زمانه في بلادهم المقتفي للسياحة ومفارقة الزوجة، المنافي لرجحان التزويج.
وفيه نظر، لان مثله وارد في شرعنا، ولا يقولون باستحباب ترك التزويج لذلك.
والأولى في الجواب أن يقال: إن مدحه بكونه حصورا – وهو أن لا يشتهي النساء – لا يدل على كون التزويج مع ذلك مرجوحا، بل فائدته أنه إذا لم يشته النساء، يتفرغ للعبادة والتوجه إلى الله تعالى بقلب فارغ من الشهوةالطبيعية المانعة من ذلك غالبا، وإن كان التزويج مع ذلك راجحا، لان
(1) المبسوط 4: 160.
(2) آل عمران: 14.
(3) من إحدى الحجريتين.