مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج5-ص164
[.
] ثم المالك يدعى عليه عوض ما استوفاه من ملكه، وهو ينكر استحقاقه.
والاصل يقتضي عدم وجوبه، وبراءة ذمة الراكب منه، فيكون القول قوله.
والمالك يدعي شغلها، فيحتاج إلى البينة.
ويشكل بأن المنافع أموال كالاعيان، فهي بالاصالة لمالك العين، فادعاء الراكب ملكيتها بغير عوض على خلاف الاصل.
وأصالة براءة ذمته إنما تصح من خصوص ما ادعاه المالك، لا من مطلق الحق، بعد العلم باستيفائه المنفعة التي هي من جملة أموال المالك وحقوقه، والاصل يقتضي عدم خروجها عن ملكه مجانا، فمنثم ذهب المصنف وقبله ابن إدريس (1) إلى تقديم قول المالك في عدم العارية، وإن لم يقبل قوله فيما يدعيه من الاجارة، لانه مدع أيضا فيحتاج إلى البينة، كما أن الراكب مدع للعارية فلا يقبل قوله فيها، فإذا حلف المالك على نفي العارية لم تثبت الاجارة، ولكن يثبت كون الراكب تصرف في ملكه بغير تبرع منه، فيثبت عليه أجرة المثل.
ويشكل بما لو كان ما يدعيه من الاجرة أقل من أجرة المثل، لاعترافه بنفي الزائد، فينبغي أن يثبت له بيمينه أقل الامرين مما يدعيه وأجرة المثل، لان الاقل إن كان ما يدعيه من الاجرة فهو يعترف بعدم استحقاقه سواه، وإن كان الاقل أجرة المثل فلم يثبت بيمينه سواها، إذا لم تثبت الاجارة، وإنما لزم تصرف الراكب في ماله بغير إذن المالك على وجه التبرع.
وهذا هو الذي اختاره العلامة في القواعد (2)، وهو أجود من السابق، إلا أنه يشكل بأن المالك يدعي الزائد من الاجرة عن أجرة المثل على تقدير كون المسمى أكثر، والراكب ينفيه، فلابد من وجه شرعي يقتضي نفيه، وحلفه على نفي الاعارة لم يدل على نفي الاجارة، كما لم يدل على إثباتها.
وإثبات أقل الامرين باليمين مسلم
(1) السرائر 2: 431 و 432.
(2) قواعد الاحكام 1: 194.