مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص276
[ ولو عارض فيها مسلم، على الاصح.
] جاره بالاشراف عليه، فإنه لا يمنع لاجله، كما لا يمنع لو كان وضعه في ملكه واستلزم الاشراف عليه، خلافا للتذكرة حيث ألحق الاول بتضرر المارة، وفرق بينه وبين وضعه في ملكه، بأن الروشن في الطريق مشروط بعدم التضرر، لان الهواء ليس ملكه، بخلاف الموضوع في ملكه، لان للانسان التصرف في ملكه كيف شاء، وإن استلزم الاشراف على الجار أو الظلمة عليه، وإنما يمنع من الاشراف لا من التعلية المقتضية لامكانه.
قال: ولست أعرف في هذه المسألة بالخصوصية نصا من الخاصة ولا من العامة، وإنما صرت إلى ما قلت عن اجتهاد (1).
وفيه نظر، لان المعتبر في الموضوع في الطريق عدم الاضرار بأهل الطريق، لانه موضوع للاستطراق، فيمنع مما ينافيه.
أما اعتبار عدم الاضرار بغيرهم فلا دليل علىالمنع منه، بل قد تقدم أنه لا يمنع مما يضر بغير من يعتاد سلوكه خاصة فضلا عن غير المار، والجار خارج عن ذلك كله، فلا وجه للمنع مما يقتضي إضراره، كما لو أحدث بناء في مباح يقابله واستلزم الاشراف عليه.
وكلام العلامة وغيره حيث قيدوا الضرر بالمارة دليل عليه، وإنما عمم هو الضرر في فرعه خاصة.
قوله: ” ولو عارض فيها مسلم على الاصح “.
نبه بالاصح على خلاف الشيخ (2) – رحمه الله – حيث شرط في جواز وضعه عدم معارضته أحد من المسلمين له، لانه حق لجميع المسلمين فيمنع بمعارضة واحد منهم له فيه.
ولانه لو سقط منه شئ ضمن به بلا خلاف، وهو يدل على عدم جوازه إلا بشرط الضمان.
ولانه لا يملك القرار، وإنما يملك الهواء، فلمالك القرار المعارضة.
وهو مذهب أبي حنيفة أيضا (3).
وأجيب بان الغرض عدم التضرر به للمارة فالمانع منهم معاند ومن غيرهم
(1) التذكرة 2: 182.
(2) المبسوط 2: 291، الخلاف 3: 294 مسألة 2 كتاب الصلح.
(3) المبسوط للسرخسي 20: 144، المغني لابن قدامة 5: 34، الشرح الكبير 5: 27 – 28.