مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص219
عليه – جنسا ووصفا، لان حقيقة الحوالة تحويل ما في ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فإذا كان على المحيل دراهم وله على المحال عليه دنانير كيف يصير حق المحالعلى المحال عليه دراهم ولم يقع عقد يوجب ذلك؟! فإن الحوالة إن كانت استيفاء كان بمنزلة من استوفى دينه وأقرضه المحال عليه، وحقه الدراهم لا الدنانير، وإن كانت معاوضة فليست على حقيقة المعاوضات التي يقصد بها تحصيل ما ليس بحاصل من جنس مال أو زيادة قدرا وصفة، وإنما هي معاوضة إرفاق ومسامحة للحاجة، فاشترط فيها التجانس والتساوي في القدر والصفة، لئلا يتسلط على المحال عليه بما ليس في ذمته.
والتحقيق في ذلك: أنا إن اشترطنا رضاء المحال عليه، وجوزنا الحوالة على البرئ – كما اختاره المصنف فيهما – فلا وجه للمنع أصلا، لانه لو لم يكن على المحال عليه ذلك الجنس يصح، فإذا كان ورضي تعين الجواز.
بل يتعين القول به متى اعتبرنا رضاه خاصة، لان الحوالة إن كانت استيفاء – كما هو الظاهر – فالاستيفاء جائز بالجنس وغيره مع التراضي، وإن كانت اعتياظا فكذلك، لجواز المعاوضة على المختلفين، وليست معاوضة بيع حتى يعتبر التقابض ونحوه حيث يعتبر في البيع.
نعم، قد يقول مجوز الحوالة على البرئ هنا: إن الحق لم يتحول إلى الدنانير، وإنما لزم المحال عليه للمحتال دنانير، وبقيت الدراهم في ذمته للمحيل، فيعتبر فيالتقابض تراض جديد.
وهذا حسن إلا أن الاول أجود، لحصول التراضي سابقا على تحول الحق إلى ما في ذمة المحيل.
وحينئذ فالتسلط الذي هربوا منه انتفى منعه بالتراضي.
وقد تحرر من ذلك: أن القائل بعدم صحة ذلك لا يتم له مطلقا إلا أن يقول بعدم جواز الحوالة على البرئ، وإلا صحت الحوالة هنا، إلا أنها تكون كالحوالة على من لا دين عليه، لا أنها تقع باطلة مطلقا، إذ لا يقصر عن تلك.