مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج4-ص107
قد اشتملت هذه المسألة على حكمين: أحدهما: تقديم حق الشفيع على البائع، ووجهه أن حقه أسبق من حقه، لان الشفيع استحق العين بالبيع، وحق البائع إنما تعلق بها بالحجر، وهو متأخر عن البيع.
ولان حق الشفيع لاحق للبيع لذاته، وحق البائع لا حق له بواسطة الحجر، وما بالذات أولى مما بالعرض.
ولان حقه أقوى، لانه يأخذ من المشتري وممن نقله إليه وإن تعدد، ويبطل جميع العقود، والبائع إنما يتعلق بالعين ما دامت باقية على ملك المشتري.
ولانه يأخذها وإن زادت، والبائع لا يأخذها مع الزيادة، على ما تقدم.
والثاني: أن الثمن لا يختص به البائع، بل يكون فيه أسوة الغرماء.
وذلك لانه إنما يثبت للمشتري بالاخذ بالشفعة، وفي تلك الحال يكون مالا للمشتري،فيتساوى فيه الغرماء.
ولا يقدم به البائع، لانه ليس عين ماله بل عوضه، وهو لا يقدم بالعوض.
والمصنف اقتصر على الحكمين طارحا ما عداهما عن درجة الاعتبار، لضعفه.
وقد حكى الشيخ في المبسوط وجهين آخرين (1).
وكذلك العلامة (2).
وهما قولان للشافعية (3): أحدهما: أن البائع تقدم على الشفيع، فيفسخ ويأخذ العين، لعموم الخبر الدال على اختصاص البائع بعين ماله (4)، ولان الشفعة شرعت لدفع الضرر بالشركة التى لا يختارها الشريك، والضرر هنا يزول عن الشفيع، لان البائع إذا رجع في الشقص عاد الامر كما كان قبل البيع، ولم يتجدد شركة غيره.
ويضعف بمنع شمول الخبر للمتنازع فيه، لسبق حق الشفيع.
سلمنا لكن
(1) المبسوط 2: 251.
(2) المختلف: 426.
(3) المغني لابن قدامة 4: 522.
(4) المتقدم في ص 105.
هامش رقم (1).