مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج3-ص140
[.
] فالاول شرط الاصل قبول الولاية، والثاني شرط للعمل بما يأمره من المظالم، وهما متغايران أيضا لان التولية لا يستلزم الامر بالمظالم، بل يجوز أن يوليه شيئا من الاحوال ويرد أمره إلى رأيه، كما قد علم في المسألة السابقة من جواز قبول الولاية بلاستحبابها إذا تمكن من إقامة الحق.
وأما أمره بشئ من المحرمات فقد يكون مع الولاية، وقد ينفك عنها كما إذا ألزم الظالم شخصا بأخذ شئ من الاموال المحرمة أو الاعمال كذلك.
إذا تقرر ذلك فنقول: إن أخذت الولاية منفكة عن الامر فجواز قبولها لا يتوقف على الاكراه مطلقا كما ذكره هنا، بل قد يجوز، وقد يكره، وقد يستحب، بل قد يجب – كما تقدم – فجعل الاكراه شرطا في قبول الولاية مطلقا غير جيد.
وأما العمل بما يأمره من الامور المحرمة فانه مشروط بالاكراه خاصة – كما سلف في باب الامر بالمعروف – ما لم يبلغ الدماء، ولا يشترط فيه الالجاء إليه بحيث لا يقدر على خلافه، وقد صرح الاصحاب بذلك في كتبهم (1)، فاشتراطه عدم القدرة على التفصي غير واضح، إلا أن يريد به أصل الاكراه، فيكون التعبير عنه بذلك غير حسن.
فتبين أن كل واحد من الشرطين غير جيد لمشروطه، إن جعلنا المشروط متعددا وإن جعلناه متحدا مركبا من الامرين – بمعنى جواز الولاية والعمل بما يأمره مع الاكراه وعدم القدرة على التفصي – حسن قيد الاكراه، وغاير ما سبق.
لكن يبقى الكلام في الشرط الثاني، فان الاكراه مسوغ لامتثال الامر وإن قدر على المخالفة معخوف الضرر المتقدم.
ويبقى أيضا مسألة ما لو أكره على الفعل وان لم يكن متوليا لولاية فانه يجوز له الامتثال.
وبقي في العبارة أمر آخر، وهو تعليق العمل بما يأمره مطلقا على شرط، مع ظهر أن أمره قد لا يكون بمحرم، الذي هو مناط الاشتراط.
لكن الامر هنا سهل لظهور المراد.
ومقتضى استثناء الدماء أنه لا فرق فيها بين أن
(1) منهم الشيخ في النهاية: 357 والشهيد في الدروس: 330 والعلامة في التذكرة 1: 583.