مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج3-ص24
[ ولو غلب عنده الهلاك لم يجز الفرار، وقيل: يجوز، لقوله تعالى:
(ولا تلقوا بايديكم إلى التهلكة) (1).
والاول أظهر، لقوله تعالى:
(إذا لقيتم فئة فاثبتوا) (2).
وإن كان المسلمون أقل من ذلك لم يجب الثبات.
ولو غلب على الظن السلامة استحب، وهو أشبه.
] ويشترط أن لا تكون بعيدة جدا، بحيث يخرج بالتحيز إليها عن كونه مقاتلا عادة.
ولو وصل إليها في زمان لا يخرج عن الوصف، لكن بدا له حينئذ الانتقال إلى اخرىجاز، بشرط أن لا يخرج بمجموع التحيز عن الوصف، لا بكل واحد على انفراده، مع اتصال الانتقال.
أما لو طرأ بعد القتال معها اعتبر كل على حدة.
واعلم أن هذا الاستثناء في الموضعين إنما هو للمختار.
اما المضطر – كمن عرض له مرض، أو فقد سلاحه – فانه يجوز له الانصراف حيث شاء.
قوله: ” ولو غلب عنده الهلاك لم يجز له الفرار وقيل: يجوز.
الخ “.
فرض هذه المسألة في ما إذا كان العدو على الضعف أو أقل، مع كونه من جملة فئة، أما لو كان المسلم وحده فسيأتي الخلاف فيه.
ومنشأ القولين من دلالة الاطلاقين على المراد، والاقوى وجوب الثبات.
وطريق الجمع منع كون الثبات على هذا الوجه إلقاء باليد إلى التهلكة، بل إلى الحياة الباقية المخلدة، فلا تعارض بين الاطلاقين.
قوله: ” وإن كان المسلمون أقل من ذلك – إلى قوله – وهو الاشبه “.
وجه الوجوب اشتماله على حفظ النفس الواجب دائما.
ووجه الاستحباب ذلك، إلا أن عدم المنع من النقيض لما فيه من تحصيل الشهادة على تقديرها، وهو أمر مطلوب، ولظاهر قوله تعالى:
(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة) (3) فإن فيه
(1) البقرة: 195.
(2) الانفال: 45.
(3) البقرة: 249