مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج2-ص209
[ ولو كان له منزلان بمكة وغيرها من البلاد لزمه فرض أغلبهما عليه.
ولو تساويا كان له الحج بأي الانواع شاء.
] الثالثة مقيما مضافا إلى السنتين لا دليل عليه، والذي رواه زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: ” من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له ” (1).
وهذا – كما ترى – صريح في الاكتفاء بالسنتين، فيكفي وقوع الاحرام بالحج بعدها بلا فصل.
وكأن المصنف (رحمه الله) لما رأى أن المدة المذكورة لا يتحقق ظاهرا إلا بدخول جزء من الثالثة قبل الاحرام اعتبره منها، كما اعتبر في العدة بالاقراء لحظة بعدالقرء الثالث ليتحقق العدد.
قوله: ” ولو كان له منزلان بمكة وغيرها من البلاد لزمه فرض أغلبهما عليه “.
المراد بغير مكة ما كان نائيا عنها بحيث يوجب مغايرة حكمه لها في نوع الحج، وهو البعيد عنها بالمسافة المتقدمة، وان كانت العبارة أعم من ذلك.
والحال أنه يقيم في كل منهما مدة، فان غلبت اقامته في احدهما أي كانت ازيد من اقامته في الآخر لزمه حكمه في نوع الحج، وإن تساويا في الاقامة تخير بين الانواع الثلاثة.
ومستند ذلك صحيحة زرارة المتقدمة، فانه قال في آخرها: فقلت: ارأيت ان كان له أهل بالعراق وأهل بمكة؟ قال: ” فلينظر أيهما الغالب عليه فهو اهله “.
وهذا يتم إذا لم تكن اقامته في مكة سنتين متواليتين، وحصلت الاستطاعة فيها، فانه حينئذ يلزمه حكم أهل مكة، وان كانت إقامته في النائي أكثر، لما تقدم من أن إقامة السنتين يوجب انتقال حكم النائي الذي ليس له بمكة مسكن أصلا، فمن له مسكن أولى.
وهذا وإن كان موجبا لتخصيص هذا الحكم في بعض موارده، إلا أن فيه جمعا بين النصوص (2) وموافقة للاصول.
(1) التهذيب 5: 34 ح 101، الاستبصار 2: 159 ح 519، الوسائل 8: 191 ب ” 9 ” من أبواب أقسام الحج ح 1.
(2) راجع الوسائل 8: 190 ب ” 8، 9 ” من أبواب أقسام الحج.