الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة-ج1-ص135
ولكن (برقوق) لم يبق وفيا بالنسبة إلى الخليفة العباسي، فقد خلعه سنة 785 وحبسه بقلعة الجليل، وبويع بالخلافة محمد بن إبراهيم بن المستمسكابن الحاكم، ولقب (الواثق بالله)، فاستمر في الخلافة إلى أن مات يوم الاربعاء سنة 788، فكلم الناس برقوقا في إعادة المتوكل إلى الخلافة فلم يقبل واحضر أخا محمد زكريا ولقب (المستعصم بالله)، واستمر في الخلافة إلى سنة 791، فندم (برقوق) على ما فعل بالمتوكل، واخرج (المتوكل) من الحبس وأعاده إلى الخلافة وخلع زكريا، واستمر زكريا بداره إلى أن مات مخلوعا، واستمر المتوكل في الخلافة إلى أن مات.
انهارت الأوضاع الاجتماعية في (مصر) وفي (سوريا) أيام الجراكسة بشكل عام، لضعف جهاز الدولة، ولتسرب الصليبيين إلى البلدان الاسلامية فقد جاءت (الحملة الصليبية) عقيب (حملة التتر)، وكان لهما أسوأ الأثر على الحياة الاجتماعية، وكانت الحروب الداخلية والفتن والاختلافات قائمة على قدم وساق بين الامراء والحكام، فقد نصب (برقوق) مرتين وعزل بينهما، وعزل (الحاجي) ونصب مرتين.
وعزل (المتوكل) ونصب.
وذلك كله إذا دل على شئ فإنما يدل على ضعف جهاز الحكم عهد الجراكسة وفي عهد (برقوق) بشكل خاص، وكثرة الخلافات وكان الناس يعهدون من قبل أن تخول الامارة إلى أشراف الأمة ورجالها فانقلب الوضع فيما انقلب من حياة الأمة في هذه الفترة، وتحولت الامارة إلى طبقة جديدة من (العبيد) لم تكن الأمة تستسيغها بعد، فبينما كانوا