الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة-ج1-ص40
الحديث الصحيح بين الأحاديث المتضاربة التي تردهم في مسألة واحدة.
وقد ورد عنهم عليهم السلام أحاديث في معالجة الأخبار المتعارضة تسمى (الأخبار العلاجية) في الأصول.
قال زرارة: سألت (أبا جعفر) عليه السلام فقلت: جعلت فداك يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ؟ فقال عليه السلام: يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك، ودع الشاذ النادر.
فقلت: يا سيدي إنهما معا مشهوران مأثوران عنكم؟ فقال: خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك.
فقلت: إنهما معا عدلان مرضيان موثقان؟ فقال: أنظر ما وافق منهما العامة فاتركه، وخذ بما خالف، فإن الحق فيما خالفهم (1).
قلت: ربما كانوا موافقين لهم، أو مخالفين فكيف أصنع؟.
قال: إذا فخذ بما فيه الحائطة لدينك، واترك الآخر.
(1) يقصد من العامة علماء البلاط، والفقهاء الذين كانوا يحفونبلاط الخلفاء (الامويين والعباسيين) ويرتزقون عن هذا الطريق، فقد كان الخلفاء يصطنعون هؤلاء العلماء في تدعيم حكمهم، وتبرير أفعالهم ويطلبون إليهم كلما أحسوا بحاجة، أو أقدموا على أمر يثير مشاعر الجماهير أن يجدوا ويخلقوا لهم مبررا في الفقه، ويرغمون الناس على الاعتراف بهم في الفتيا والقضاء.
وقد كان أثر هذه الفئة من مرتزقة الفقهاء كبيرا في ضياع وارتباك معالم الفقه الاسلامي، ولذلك نجد (أئمة أهل البيت) عليهم السلام يحذرون شيعتهم عن مسايرة هؤلاء، والاغترار بمكانتهم.