جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج12-ص296
يتمسكون بالاجماع فيما يكون الخلاف فيه أظهر من الخلاف هنا، فإن ابن أبي عقيلقد انقرض القائل بمقالته ولحقه الاجماع، فالتحريم هو المفتى به.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه هل يشترط لتحريم أم المعقود عليها، بل كل تحريم يترتب على العقد، أن يكون عقد النكاح لازما من الطرفين، وهو الذي أراده المصنف بقوله: (مطلقا) أم يكفي للتحريم لزومه من طرف الزوج فقط، أم لا يشترط واحد منهما فيثبت التحريم بمجرد حصول العقد الفضولي وإن كان فضوليا من الطرفين؟ فيه نظر ينشأ: من قيام الدليل على كل من الاحتمالات الثلاث: أما الأول فلعموم الآيات الدالة على إباحة النكاح من تناول محل النزاع، مثل قوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) (1)، خرج منه ما إذا كان العقد لازما من الطرفين، لأنه العقد الصحيح الذي يترتب عليه أثره بالنسبة إلى كل من الزوجين، فيبقي النكاح على أصل الحل.
ويحتمل الثاني، لأن التحريم دائر مع لزوم العقد.
ويحتمل الثالث، لقوله تعالى: (وأمهات نسائكم) (2).
والاضافة تصدق بأدنى ملابسة، فعلى هذا لو عقد الفضولي عن الزوجة الصغيرة على رجل مباشر للعقد هو أو وكيله، بدليل قوله: (أو بعد فسخها) حيثخص الفسخ بها، على أن كون الفسخ منها لا يمنع جوازه من الزوج، فلا يستلزم كونه غير فضولي من طرفه.
ففي تحريم الأم قبل حصول الاجازة نظر يعلم مما سبق، وكذا في تحريمها بعد فسخ الصغيرة مع كونها قد بلغت، إذ لا يعتد بفسخها قبله نظر ينشأ: من ثبوت العقد اللازم من طرفه، وذلك يقتضي تحريم الأم فلا يزول، ومن أنه بالفسخ تبين أن لا
(1) النساء: 24.
(2) النساء: 23