جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج12-ص294
هذا بيان حكم ترتب تحريم المصاهرة على العقد خاصة، وأخره عن بيان حكم النظر واللمس في ذلك، لأنهما من توابع الوطئ.
وتحقيق الكلام في ذلك أن العقد المجرد عن الوطئ يحرم أم الزوجة وإن علت تحريما مؤبدا عند أكثر فقهاء الاسلام (1)، وخالف ابن أبي عقيل من أصحابنا في ذلك، فاشترط في تحريمها الدخول بالزوجة كالبنت (2)، وهو أحد القولين للشافعي من الفقهاء الأربعة (3).
والمذهب هو التحريم، لأن قوله سبحانه: (وأمهات نسائكم وربائبكماللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) (4) صريح في اعتبار الدخول في تحريم الربيبة دون أم الزوجة من وجهين: الأول: أن: (من) في قوله سبحانه (من نسائكم) وإن علقها ب (نسائكم) من قوله عزوجل (وأمهات نسائكم) كانت لبيان النساء، وتميز المدخول بهن من غير المدخول بهن.
وإن علقها ب (ربائبكم) من قوله تقدس وعلا (وربائبكم اللاتي في حجوركم) كانت من لابتداء الغاية، كما تقول بنات رسول الله صلى الله عليه وآله من خديجة، ويمتنع أن يعني بالكلمة الواحدة في خطاب واحد معنيان مختلفان.
فإن قيل: تعلق الجار بهما يجعل معناه مجرد الاتصال على حد من في قوله تعالى (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) (5)، ولا ريب أن أمهات النساء متصلات
(1) منهم أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 286، والشيخ في المبسوط 4: 196، وسلار في المراسم: 147، وفخر المحققين في الايضاح 3: 66.
(2) نقله عنه العلامة في المختلف: 522.
(3) انظر: المجموع 16: 217، المغني لابن قدامة 7: 472، السراج الوهاج: 373.
(4) النساء: 23.
(5) التوبة: