جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج12-ص39
البلوى، ولإطباق الناس في كل عصر على خروج كثير من النساء باديات الوجوه والأكف من غير نكير، خصوصا أهل القرى والبوادي، ولانتفاء المقتضي وهو: خوف الفتنة إذ لا كلام في التحريم معه.
والثاني: التحريم، وقواه المصنف في التذكرة (1)، لعموم قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن) (2) الآية، ولاتفاق المسلمين على منع النساء من أن يخرجن سافرات، ولو حل النظر لنزلن منزلة الرجل، ولأن النظر إليهن مظنة الفتنة، ولأنهن (3) محل الشهوة فاللائق بمحاسن الشرع حسم الباب والاعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالاجنبية ولحديث الخثعمية، حيث أتت إلى النبي عليه السلام بمنى في حجة الوداع لتستفتيه في الحج، وكان الفضل بن العباس رديف رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخذ ينظر إليها وتنظر إليه، فصرف النبي صلى الله عليه وآله وجه الفضل عنها، وقال رجل شاب وامرأة شابة فخشيت أن يدخل بينهما الشيطان (4).
وفي هذه الدلائل نظر، لأن الوجه والكفين مستثنيان، لقوله تعالى: (إلا ماظهر منها) (5) وما ادعي من اتفاق المسلمين على منع النساء من أن يخرجن سافرات، فالمعلوم خلافه، ولو تم لم يلزم أن يحرم النظر مطلقا بسببه، لأن هذا الفعل أليق بالمروءة، وأحرى بالسلامة من الفتنة، فربما كان على جهة الافضلية، على أنه لو علم إطباقهم على وجوبه لم يدل على المراد، لأنه لم يتحقق الاحتجاب عن الناظر بشهوة
(1) التذكرة 2: 573.
(2) النور: 31.
(3) في ” ش ” وهو.
(4) انظر: سنن الترمذي 3: 233 حديث 885، مسند أحمد 1: 76، سنن البيهقي 4: 328.
(5) النور: 31.