جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج11-ص283
[ ولو لم يقبل الوصية ابتداء، أو لم يعلم بها حتى مات الموصي ففي الزامه بنظر.
] القبول منه في حياة الموصي، لأنها إذن في التصرف، فصح قبوله وإن تأخر وقته، كما في التوكيل مع تأخير التصرف، بخلاف الوصية بالمال، لأنها تمليك بعد الوفاة، فلا أثرللقبول قبل الوقت.
وكما يصح القبول في حياة الموصي يجوز تأخيره إلى موته، لأن الوصية عقد جائز، فلا يشترط في قبولها الفور، ومتى قبل الوصية لم يكن له الرد بعد وفاة الموصي، بل تصير لازمة.
وكذا لو رد في حال حياته فلم يبلغه الرد.
ويظهر من كلام التذكرة أن هذا الحكم إجماعي (1)، ويؤيده أنه قد غره بقبول وصيته ومنعه من طلب غيره، فلم يكن له تضييع حقه.
أما لو رد في حال حياته وبلغه الرد، فإن الوصية تبطل اقتصارا باللزوم على موضع الوفاق، ولأن المحذور منتف هنا.
إذا عرفت ذلك ففي كل موضع يلزم الوصي حكم الوصية إذا امتنع من القيام بها أجبره الحاكم، وهنا إشكال، وهو أنه إذا امتنع من القيام بالوصية فقد أقدم على محرم، وبالاصرار يخرج عن العدالة فيخرج عن أهلية الوصية، فكيف يصح إجباره حينئذ؟ وهو إشكال لازم.
ولم أر في كلام أحد تنبيها عليه، لكن في كلام لابن إدريس ما يرشد إليه (2)، وسنذكره إن شاء الله تعالى بعد ذلك.
قوله: (ولو لم يقبل الوصية ابتداء، أو لم يعلم بها حتى مات الموصي ففي الزامه بها نظر).
أي: إذا علم الموصى إليه الوصية فلم يقبلها، بل ردها ابتداء – أي من غير سبق قبول – ولم يبلغ الرد إلى الموصي.
وعبارة الكتاب خالية من هذا القيد، ولا بد منه، وما سبق من كلامه يدل عليه.
إذ لم يعلم بالوصية أصلا حتى مات الموصي، فهل يلزمه
(1) التذكرة 2: 512.
(2) السرائر: 384.