جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج10-ص122
[ ولو أوصى بثلثه لزيد، وبثلثه لعمرو، كان رجوعا على إشكال، ] يتبادر إلى الفهم منه إلا الربع الذي هو خارج عن الثلث، وكذا السدس.
قوله:(ولو أوصى بثلثه لزيد وبثلثه لعمرو كان رجوعا على إشكال).
أي: لو قال: أوصيت بثلثي لزيد، ثم قال: أوصيت بثلثي لعمرو، ومنشأ الاشكال من أن الانسان لا يستحق من ماله عند وفاته إلا ثلثه، فإذا أوصى بالثلث مضافا إليه، ثم أوصى كذلك كان الموصى به ثانيا هو الموصى به أولا، فتكون الوصيةالثانية رافعة للأولى وناسخة لها، وهو مختار الشيخ في المبسوط والخلاف (1)، واختاره ابن إدريس (2).
ومن أن كل واحدة منهما وصية يجب تنفيذها، ولا يجوز تبديلها مع عدم الزيادة على الثلث، ولا دلالة في اللفظ على أن الموصى به ثانيا هو الموصى به أولا، ولا على إرادة الرجوع بشئ من الدلالات.
والاضافة تقتضي ذلك، لأنه ما دام حيا فجميع التركة على ملكه، وإنما يخرج عنه بعد الموت.
ويلوح من قول المصنف: (ولو أوصى بثلثه.
)
أنه لو أوصى بثلث لزيد وبثلث لعمرو لا يكون رجوعا، إذ ليس في اللفظ ما يدل على اتحاد الموصى به بوجه من الوجوه، وليس كذلك، بل فيه إشكال، لأن الأصل في الوصية أن تكون نافذة، فيجب حملها على ما يقتضي النفوذ بحسب الامكان.
وإنما تكون الثانية نافذة إذا كان متعلقها هو الثلث الذي يجوز للمريض الوصية به فيجب حملها عليه، كما يجب حمل إطلاق بيع الشريك النصف على استحقاقه، حملا للبيع على معناه الحقيقي، وحينئذ فيتحقق التضاد فتكون الثانية رافعة للأولى.
فإن قيل: كما أن الأصل في الوصية الثانية النفوذ، كذلك الأصل في الوصية
(1) المبسوط 4: 42.
(2) السرائر: 385.