جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج9-ص286
فإن أقر للآخر غرم للثاني إلا أن يصدقه الأول.
وهل له إحلاف الأول؟ إشكال، وقال المصنف في التذكرة في نظير هذه المسألة: إنه بعد تعيين المالك منهما لو قال الآخر: أحلفوه إنه ليس لي، فإن قلنا: إنه لو عاد فأقر للآخر لم يغرم له لم يحلفه، لأنه إذا نكل لم يلزمه شئ.
وإن قلنا: يغرم عرضنا عليه اليمين، فإن حلف سقطت الدعوى، وإن نكل حلف المدعي وغرم (1).
أقول: إن هذا البناء غير كاف في الحكم الذي ذكره، بل لا بد مع ذلك من اعتبار كون اليمين المردودة كالاقرار، إذ لو قلنا أنها كالبينة لاتجه إحلافه، لإمكان نكوله فيحلف المدعي ويغرم له.
قوله: (فإن أقر للآخر غرم للثاني إلا أن يصدقه الأول).
لأنه حال بين الثاني والمقر به بإقراره للأول فكان عليه الغرم كما سيأتي إنشاء الله تعالى: نعم لو صدقه الأول دفعت إلى الثاني ولا غرم.
قوله: (وهل له إحلاف الأول؟ إشكال).
أي: هل للمقر إحلاف المقر له الأول إنها ليست للثاني؟ فيه إشكال ينشأ: من أنه مكذب لنفسه في دعواه إنها للثاني بإقراره بها للأول فلا تسمع دعواه، ولأنه لو نكل امتنع الرد إذ لا يحلف لاثبات مال غيره، وكذا القضاء بنكوله.
ومن عموم قوله عليه السلام: (واليمين على من أنكر) (2)، ولأنه يدفع بها الغرم عن نفسه فليست لحق الغير بل لدفع الغرم، ولأنه لو أقر لنفع إقراره، وكل من أقر لنفع إقراره يحلف مع الانكار، والثاني قوي.
وإكذاب نفسه مدفوع إذا ذكر تأويلا وادعى أمرا ممكنا في العادة كالغلط والنسيان، وعلى هذا فيحلفه على نفي العلم بالغلط لا على البت، فإنه ربما لم يعلم أنه
(1) التذكرة 2: 162.
(2) الكافي 7: 415 حديث 1، سنن البيهقي 10: 252.