جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج9-ص129
وتلزم مع الاقباض.
ولو قبض بدون إذن المالك لم يملك به، لكم)
(1) ينافي ذلك، لأنهم فسروا الصدقة هنا بالابراء، فإن تم ذلك اقتضى عدم اشتراط نية القربة في الصدقة بل ولا القبول مع تصريحهم باشتراطه.
قوله: (ويلزم مع الاقباض).
قال الشيخ في المبسوط: صدقة التطوع عندنا بمنزلة الهبة في جميع الأحكام، ومن شرطها الايجاب والقبول، ولا تلزم إلا بالقبض، وكل من له الرجوع في الهبة له الرجوع في الصدقة (2).
ومحصل هذا الكلام أن الصدقة لا تلزم بالقبض مطلقا بل في موضع لا يجوز الرجوع في الهبة، وأكثر الأصحاب على عدم جواز الرجوع مطلقا، لأنها في معنى الهبة المعوضة، لأن قصد القربة يقتضي الثواب، لدلالة الأخبار الواردة بأن الذي يعود فيصدقته كالذي يعود في قيئه على ذلك (3)، لأن العود في القئ حرام قطعا.
وهنا شئ، وهو أن كلام الشيخ يقتضي عدم اشتراط نية القربة في الصدقة، وإلا امتنع الرجوع على حال من الأحوال، لأن الهبة المتقرب بها يمتنع الرجوع فيها فاللازم أحد الأمرين: إما عدم خلاف للشيخ في هذه المسألة، أو عدم اشتراط نية القربة في الصدقة، وقد صرحوا بخلافه هنا فتعين الأمر الثاني.
وكيف كان فالحق عدم الرجوع في الصدقة بوجه.
قوله: (ولو قبض بدون إذن المالك لم يملك به).
لأن القبض المعتبر هو المأذون فيه شرعا، لأن المنهي عنه غير منظور إليه عند الشارع كما في الهبة والوقف.
(1) البقرة: 280.
(2) المبسوط 3: 314.
(3) التهذيب 9: 155 حديث 635، الاستبصار 4: 109 حديث 416.