جامع المقاصد فی شرح القواعد-ج1-ص2
السند لا حسب أبواب الفقه فجمع لكل صحابي أحاديثه ، وقد توفي قبل أن ينقحه ويهذبه ، وقد رواه عنه ابنه عبد الله بعد أن نقحه وهذبه ، واتهم بأنه أضاف للمسند بعض الأخبار الموضوعة .
ولم يكتب في الفقه إلا ما أجاب به عن بعض المسائل ، والمنقول عنه أنه حرم على تلاميذه كتابة الفقه إلا أنهم كتبوا الفقه ، وممن كتب من تلاميذه عبد الملك بن مهران وجمع هو وغيره فتاويه وأقواله الفقهية وجعلوها أساسا لمذهبه الذي نسبوه إليه .
ومن أشهر أصحاب أحمد وتلاميذه أحمد بن هاني الأثرم الذي روي عنه الفقه والحديث ، وعبد الملك الذي كتب الفقه عنه ، وولداه صالح الذي ورثالفقه عن أبيه وولي القضاء على خلاف سنة أبيه ، وعبد الله الذي ورث الحديث عن أبيه وأشهر ما رواه المسند .
وطريقة أحمد في الاستنباط الفقهي أن يأخذ بالنص كتابا أو سنة حتى المرسل والضعيف منها ، وكان يقدم الكتاب على السنة ، عند التعارض في الظاهر ، وكان إذا أعوزه النص أخذ بفتاوي الصحابة التي لم يختلفوا فيها .
وعند الاختلاف بين الصحابة يرجح قول من كان أقرب للكتاب أو السنة ، فإن لم يظهر له ما هو أقرب حكى الخلاف .
وكان أحمد – كما نقل عنه – يقدم الحديث المرسل على القياس والرأي إذا لم يكن ما يعارضه من الكتاب أو السنة أو قول الصحابي أو اتفاق على خلافه ، وإلا استعمل القياس والاستصحاب والذرائع ، والمصالح المرسلة .
وكانت القاعدة عنده في العقود والشرائط هي قاعدة الإباحة إلا إذا قام الدليل على المنع ( 1 ) .
ويحكى أن محمدا بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ ألف كتابا ذكر فيه اختلاف الفقهاء ولم يذكر أحمد بن حنبل فقيل له في ذلك فقال : لميكن فقيها وإنما كان محدثا ( 2 ) .
( 1 ) انظر أدوار علم الفقه : 164 .
( 2 ) انظر أدوار علم الفقه : 165 .