الدروس الشرعیة فی فقه الامامیة-ج1-ص68
والعاملين ، فقد كان المؤرخون يسيرون في الغالب في ركب الملوك وبلاط الملوك ، وطغمة الجبابرة والمفسدين لقاء أجور زهيدة يلقونها إليهم ، ولذات رخيصة من العيش يتيحونها لهم .
وكان نتيجة ذلك كله أن كان ( للتاريخ الاسلامي ) تاريخا مشوها مشوش المعالم لا يعبر إلا عن اتجاهات البلاط ، ولا يدافع إلا عن تبذير الملوك والخلفاء وإسرافهم .
فكل شئ يحصل في البلاد من وجوه الفساد والتبذير محاط بهالة من التقديس ، وكل حركة ترمي إلى إحاطة كيان هؤلاء الطغاة والفاسدين توسم بسمة الفساد والطغيان والاجرام .
وليس يتعجب القارئ بعد ذلك إذا وجد مؤرخا من هؤلاء الساقطين الذين يتبعون ركب الجبابرة بذلة وهوان .
ليتلقوا لقمة ذليلة من العيشة ويلاحظ رخيصة في الحياة .
يقول الحنبلي بصدد الحديث عن أحداث سنة 886 : وفيها قتل محمد بن مكي العراقي الرافضي .
كان عارفا بالاصول والعربية فشهد عليه بدمشق بانحلال العقيدة ، واعتقاد مذهب النصيرية واستحلال الخمر والصرف ، وغير ذلك من القبائح .
فضربت عنقه بدمشق في جمادي الأولى ، وضربت عنق رفيقه عرفة بطرابلس ، وكان على معتقده ( 1 ) .
ولا نريد نحن أن نعلق على هذا الحديث ، وقد لا يدل هذا التهريج أن نعلق عليه ، وأن نتحدث عنه ، وإنما المحاسبة إلى يوم عسير .
ومهما يكن من أمر فلا زالت بين أيدينا ملامح من قصة شهادة ( الشهيد ) رحمه الله .
نستطيع عن طريقها أن نستكشف أسباب هذا الحادث وعلله .
( 1 ) شذرات الذهب في أخبار من ذهب – لعبد الحي بن العماد الحنبلي ، الجزء 6 ، ص 294 .