مختلف الشیعة فی أحکام الشریعة-ج9-ص370
وقال ابن ادريس قولا يدل على اضطرابه وهو: إن في العليا منهما ثلث الدية، وفي السفلى ثلثاها، ثم نقل كلام الشيخ في النهاية، ثم قال: إلا أنه رجع في مبسوطه الى ما اخترناه فانه قال: في السفلى عندنا ثلثاها، وفي العليا الثلث، وهذا هو الاظهر، ولا يرجع في مثل ذلك إلى أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا، وما اخترناه مذهب شيخنا المفيد في مقنعته، وذهب بعض أصحابنا الى أنهما متساويتان في الدية فيهما جميعا الدية، وفي احداهما نصف الدية، وهو قول ابن أبي عقيل في كتابه، وهو قول قوي، إلا أن يكون على خلافه إجماع، ولا شك أن الاجماع منعقد على تفضيل السفلى، والاتفاق حاصل على الستمائةدينار، والاصل براءة الذمة في ما زاد عليه، وبهذا القول الاخير أعمل وافتى به، وهو خيرة شيخنا في الاستبصار (1).
فانظر إلى اختياره أولا من إيجاب الثلثين في السفلى، ونسبة كلام الشيخ في النهاية إلى أنه من أخبار الاحاد التي لا توجب علما ولا عملا، ثم تقوية كلام ابن أبي عقيل، مع أنه ذكر أنه مخالف للاجماع، ثم اختياره أخيرا لما ضعفه أولا، ونسبه الى أخبار الاحاد، وأنه الذي به يفتي وعليه نعمل، وهذا الرجل لا يبالي بتناقض أقواله واختلالها.
والوجه ما اختاره الشيخ في النهاية.
لنا: أن منفعة السفلى أكثر، فناسب ذلك كثرة ديتها وزيادتها على دية العليا.
والتقدير مستند إلى رواية أبان بن تغلب، عن الصادق – عليه السلام – قال: في الشفة السفلى ستة آلاف، وفي العليا أربعة آلاف، لان السفلى تمسك الماء (2).
وفي طريقها أبو جميلة، وفيه قول، لكنها أوضح من غيرها.
(1) السرائر: ج 3 ص 382.
(2) تهذيب الاحكام: ج 10 ص 246 ح 974، وسائل الشيعة: ب 5 من ابواب ديات الاعضاء ح 2ج 19 ص 222.