مختلف الشیعة فی أحکام الشریعة-ج8-ص159
والابل والبقر حنث ولا يحنث بأكل رؤوس العصافير والطيور والحيتان والجراد، وقال بعض الفقهاء: لا يحنث إلا بأكل رؤوس الغنم فحسب، وهو قوي، لعرف العادة، هذا إذا لم يكن له نية، فان كان له نية حنث وبر على نيته، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، وهو من فروع المخالفين وتخريجاتهم، والذي يقتضيه اصولنا انه يحنث بأكل جميع الرؤوس، لأن ذلك هو الحقيقة فلا يعدل عنها الى المجاز، لأنا ننظر الى مخرج اليمين، ويحنث صاحبها ويبر على مخرجها وحقائقها دون أسبابها ومعانيها ومجازاتها وفحوى خطابها (1).
والمعتمد أن نقول: إن نوى الحالف صرف الحلف إليه، وان لم ينو فان كان هناك عرف خاص يعهده الحالف وينصرف اطلاق لفظه إليه حملعليه، وإلا حمل على الحقيقة اللغوية.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا حلف لا يأكل بيضا، حقيقة هذا كل بيض، سواء زايل بايضه وهو حي كالدجاج والنعام والأوز والعصافير، أو لا يزايل بايضه وهو حي كبيض السمك والجراد والبيض الموجود في جوف الدجاجة يطبخ ويشوي معها، غير انا نحمله على ما يزايل بايضه حيا بالعرف القائم في الاسم، ألا تراه إذا قال: أكلت البيض لم يفهم منه بيض السمك والجراد، وكذلك إذا حلف لا أكلت الرؤوس فهذا حقيقته كل رأس وحملناه على النعم بالعرف القائم في الاسم (2).
وقال ابن ادريس: الذي يقتضيه مذهبنا انه يحنث بأكل جميع ما ينطلق عليه اسم البيض، لأن اسم البيض يقع حقيقة على جميع ذلك، والأيمان عندنا يتعلق بحقائق الأشياء ومخارج الأفعال والأسماء ولا يرجع الى المعاني، وانما هذه تخريجات المخالفين وقياساتهم، فإذا كان اسم البيض ينطلق على بيض السمك
(1) السرائر: ج 3 ص 50 – 51.
(2) المبسوط: ج 6 ص 255.