مختلف الشیعة فی أحکام الشریعة-ج4-ص432
فيهم والتوقيف الوارد عنه في أحكامهم.
وقد روي عن أمير المؤمنين – عليه السلام – أنه قال: المجوس إنما الحقوا باليهود والنصارى في الجزية والديات، لأنه كان لهم فيما مضى كتاب، ولو خلينا والقياس لكانت المانوية والمزدقية والديصانية عندي بالمجوس أولى من الصابئين، لأنهم يذهبون في أصولهم مذاهب تقارت المجوسية وتكاد تختلط بها.
فأما المرقونية والماهانية: فإنهم إلى النصرانية أقرب من المجوسية، لقولهم في الروح والكلمة والابن بقول النصارى وإن كانوا يوافقون الثنوية في أصول أخر.
وأما الكينونية: فقولهم يقرب من النصرانية لاصلهم في التثليث وإن كان أكثره لأهل الدهر.
وأما السمينة: فتدخل في جملة مشركي العرب وتضارع مذاهبها قولها في التوحيد للبارئ وعبادتهم سواه، تقربا إليه وتعظيما فيما زعموا عن عبادة الخلق له، وقد حكي عن بعضهم ما يدخلهم في جملة الثنوية، فأماالصابئون: منفردون بمذاهبهم ممن عددناه، لأن جمهورهم يوحد الصانع في الازل، ومنهم من يجعل معه الهيولى في القدم صنع منها العالم فكانت عندهم الأصل، ويعتقدون في الفلك وما فيه من الحياة والنطق، وأنه المدبر لما في هذا العالم والدال عليه وعظموا الكواكب وعبدوها من دون الله عزوجل، وسماها بعضهم ملائكة، وجعلها بعضهم آلهة وبنوا لها بيوتا للعبادات.
وهؤلاء على طريق القياس إلى مشركي العرب وعباد الاوثان أقرب من المجوس، لأنهم وجهوا عبادتهم إلى غير الله سبحانه في التحقيق وعلى القصد والضمير، وسموا من عداه من خلقه بأسمائه ” جل عما يقول المبطلون “، والمجوس قصدت بالعبادة لله تعالى على نياتهم في ذلك وضمائرهم، وإن كانت عبادة الجميع على أصولنا غير متوجهة في الحقيقة إلى القديم، ولم يسموا من أشركوا بينه وبين الله تعالى في القدم باسمه في معنى الالهية ومقتضى العبادة، بل من ألحقهم بالنصارى أقرب في التشبيه لمشاركتهم إياهم من اعتقاد الالهية في غير القديم،