الخلاف-ج6-ص292
فالخلاف مع أبي حنيفة في فصلين: أحد هما في الحكم بالنكول، والثاني في رد اليمين دليلنا: على أن اليمين ترد: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا قوله تعالى: (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم) (2) فأثبت الله يمينا مردودة بعد يمين، فاقتضى ذلك أن اليمين ترد في بعض المواضع بعد يمين اخرى.
فان قيل: الآ ية تقتضي رد اليمين بعد اليمين، والا جماع أن المدعى عليه أذا حلف لم ترد اليمين بعد ذلك على المدعي.
قيل: لما أجمعوا على أنه لا يجوز رد اليمين بعد اليمين عدل با لظاهر عن هذه وعلم أن المراد به أن ترد أيمان بعد وجوب أيمان.
ويدل عليه أيضا: قوله عليه السلام: المطلوب أولى با ليمين من الطالب (3).
ولفظة أولى من وزن أفعل، وحقيقتها الإشتراك في الحقيقة، وتفضيل أحد هما على الآخر، فاقتضى الخبر أن الطالب والمطلوب يشتركان في اليمين، لكن للمطلوب مزية عليه با لتقدم.
وأما الدليل على أن المدعى عليه لا يحكم عليه بمجرد النكول أن الأصل براءة الذمة، وايجاب الحكم عليه بالنكول يحتاج إلى دليل.
(1) الكافي 7: 416 – 417 حديث 1 – 5، ومن لا يحضره الفقيه 3: 37 حديث 127، والتهذيب 6: 230 – 231 حديث 556 – 563، وسنن الدار قطني 4: 214 حديث 35.
(2) المائدة: 108.
(3) رواه في تلخيص الحبير 4: 210 في ذيل الحديث 2143 لفظه: من كانت له طلبة عند أحد فعليه البينة، والمطلوب أولى با ليمين، فان نكل حلف الطالب وأخذ.