الخلاف-ج5-ص338
الدلالة، وعليه إجماع الصحابة، لان أبا بكر لما هم بقتالهم احتج عليه عمر منكرا عليه بقول النبي عليه السلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا بها مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها، فقال أبو بكر هذا من حقها، والله لو منعوني عناقا كانوا يعطون رسول الله صلى الله عليه وآله لقاتلتهم عليها، والله لا فرقت بين ما جمع الله، يعني قوله: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة (1).
وأبو بكر أقر عمر على اعتقاده الايمان فيهم، واحتج في قتالهم بمعنى آخر، وهو أنهم منعوا الزكاة، ولو كانوا مرتدين عند أبي بكر لقال له: فالقوم لا يقولون لا إله إلا الله، فلما لم يحتج عليه بذلك ثبت أن اعتقاده كاعتقاد عمر فيهم من الايمان.
ولان القوم منعوا بتأويل، واحتجوا حجة مقيم على الاسلام، فقالوا: قال الله تعالى: ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ” (2) كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سكنا لنا،وليست صلاة ابن أبي قحافة سكنا لنا (3).
فاخبروا انهم متمسكون بدين النبي عليه السلام، وفرقوا بينه وبين أبي بكر، فان صلاته كانت رحمة علينا، وصلاة أبي بكر ليست كذلك.
وأيضا فان القوم لما جاؤا تائبين، قالوا: والله ما كفرنا بعد إسلامنا، وإنما
(1) صحيح البخاري 2: 131، وصحيح مسلم 1: 51 حديث 32، وسنن أبي داود 2: 93 حديث 1556، وسنن الترمذي 5: 3 حديث 2606، وسنن النسائي 7: 77، ومسند أحمد بن حنبل 1: 11 و 19، والسنن الكبرى 8: 176 و 177، وسنن ابن ماجة 2: 1295 حديث 3927 و 3928، واحكام القرآن للجصاص 3: 401، وفتح الباري 12: 275، مع تفات يسير في بعضها.
(2) التوبة 103.
(3) المغني لابن قدامة 2: 436، وكفاية الاخيار 2: 122، وتلخيص الحبير 4: 44.