الخلاف-ج4-ص192
– صلى الله عليه وآله – قال في اسارى بدر: (لو كان مطعم بن عدي حيا، وكلمني في هؤلاء النتنى (1) لأطلقتهم له) (2).
فأخبر أنه لو كان مطعم (3) حيا لمن عليهم، لأنه كان له عنده يد، لو سأله في أمرهم لأطلقهم، فدل على جواز المن.
وروى أبو هريرة: أن النبي – صلى الله عليه وآله – بعث سرية قبل نجد، فاسروا رجلا يقال له ثمامة بن أثان الحنفي (4) سيد يمامة، فأتوا به، وشدوه الى سارية من سواري المسجد، فمر به النبي صلى الله عليه وآله فقال: (ما عندك يا ثمامة) فقال: خير، إن قتلت قتلت ذا ذم (5)، وان مننت مننت على شاكر، وإن أردت مالا فاسأل تعط ما شئت، فتركه، ولم يقل شيئا.
فمر به اليوم الثاني، فقال له مثل ذلك، فمر به اليوم الثالث فقال له مثل ذلك، ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله – شيئا، ثم قال: (إطلقوا ثمامة)، فاطلقوه، فمر واغتسل، وجاء وأسلم (6) وكتب الى قومه فجاؤوا مسلمين (7).
وهذا نص في جواز المن، لأنه
(1) النتنى: النتن، المذموم في الشرع، مجتنبة مكروهة، كما يجتنب الشئ النتن.
النهاية 5: 14 (مادة نتن).
(2) صحيح البخاري 4: 111، وسنن أبي داود 3: 61 حديث 2689، والسنن الكبرى 6: 319 و 9: 67، ومسند احمد بن حنبل 4: 80، والدراية في تخريج احاديث الهداية 2: 119.
(3) مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف النوفلي، كان له عند رسول الله – صلى الله عليه وآله – يد، وهي انه كان أجاز رسول الله – صلى الله عليه وآله – لما قدم من الطائف حين دعا ثقيفا الى الاسلام، وكان أحد الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم وبني المطلب.
وكانت وفاته قبل بدر بنحو سبعة أشهر.
ذكر ذلك ابن الأثير في اسد الغاية 1: 271 ضمن ترجمة ولده جبير فلاحظ.
(4) ثمامة ين أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة الحنفي.
ذكر قصة اسلامه ابن الاثير فياسد الغاية 1: 246 فلاحظ.
(5) في بعض مصادر الحديث (ذاذم).
وذا ذم، معناه ذا ذمام وحرمة، وهو بكسر الذال المعجمة وتشديد الليم.
(6) في النسخة الحجرية: فأسلم.
(7) صحيح مسلم 3: 1386، حديث 1764، وسنن أبي داود 3: 57 حديث 2679، ومسند أحمد بن حنبل 2: 246.