الخلاف-ج1-ص99
فمن قال لا يجزيه فعليه الدلالة.
وكل ظاهر يتضمن الأمر بالوضوء والاستنجاء يدل على ذلك، لأنه امتثل الأمر ولم يفصل.
مسألة 46: لا يجوز للجنب، والحائض، والمحدث أن يمسوا المكتوب من القرآن، ولا بأس بأن يمسوا أطراف أوراق المصحف، والتنزه عنه أفضل.
وقال الشافعي: لا يجوز لهم ذلك (1).
وقال أبو حنيفة: لا يجوز ذلك للجنب والحائض (2)، فأما المحدث فلا باس عليه.
وقال الحكم (3) وحماد (4) وداود: إن ذلك غير جائز ولم يفصلوا (5).
دليلنا: إن الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل.
فأما ما يدل على أن نفس الكتابة لا يجوز مسها قوله تعالى: ” لا يمسه إلا المطهرون ” (6) وإنما أراد به القرآن دون الأوراق.
وروى سالم (7) عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ” لا يمس
(1) التفسير الكبير 29: 193، ومغني المحتاج 1: 36 و 72، وروح المعاني 27: 134 وتفسير القرطبي 17: 226.
(2) قال ابن العربي في أحكام القرآن 4: 1727: واختلفت الرواية عن أبي حنيفة، فروي عنه أنه يمسه المحدث، وروي عنه أن يمس ظاهره وحواشيه معا وما لا مكتوب فيه.
وزاد القرطبي في تفسيره 17: 226: وأما الكتاب فلا يمسه إلا طاهر.
وانظر مراقي الفلاح: 24 وعمدة القاري 3: 63، وشرح فتح القدير 1: 117، وبدائع الصنائع 1: 33 والهداية للمرغيناني 1: 31.
(3) الحكم بن عيينة، مولى كندة.
تفقه بإبراهيم النخعي مات سنة (115 ه).
طبقات الفقهاء: 62.
(4) أبو إسماعيل، حماد بن أبي سليمان مسلم الأشعري، مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعري.
تفقه بإبراهيم النخعي، وروى عن سعيد بن المسيب، وعكرمة، والشعبي وغيرهم مات سنة (119 ه).
وقيل: (120 ه).
طبقات الفقهاء: 3: 6، وتهذيب التهذيب 3: 16.
(5) قال القرطبي في تفسيره 11: 227: وروي عن الحكم، وحماد، وداود بن علي أنه لا بأس بحمله، ومسه للمسلم والكافر طاهرا ومحدثا، إلا أن داود قال: لا يجوز للمشرك حمله.
(6) الواقعة: 79.
(7) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عمر، روى عن أبيه، وأبي هريرة، وأبي رافع، وأبي أيوب =