اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص170
الفساد في صفوف المجتمع البشري، بل يستحق المجتمع ظهور الإمام عليه السلام إن بلغ المرحلةالمطلوبة من النضج الفكري والسمو الروحي. وقد استفاضت كتب العقائد والمذاهب بالعوامل التي تحول دون الظهور والتي تتمثل في الاستعدادات الفكرية والروحية ولو زالت هذه العوامل لزالت أسباب الغيبة ولظهر الإمام عليه السلام .
وللفيلسوف العلّامة المرحوم نصير الدين الطوسي ثلاث عبارات بهذا الشأن في كتابه«تجريد العقائد» نوردها مع توضيح مختصر:
فوجود الإمام المعصوم – ظاهراً كان أم غائباً – نعمة معنوية على المجتمع البشري ووسيلة للتقريب من طاعة اللَّه وعبوديته؛ ذلك لأنّ الإمام هو الهادي إلى اللَّه، كما أنّه الواسطةفي وصول الفيض الإلهي، وهداية الإمام – وإن كان غائباً – للأفراد المستحقين متواصلة وإن لم يروه ويعرفوه.
وإن ظهر الإمام عليه السلام وخاض في الإرشاد والهداية وتسلم زمام الأمور فإنّ ذلك يعدّ نعمةأخرى، وهنا لا تنتفع بوجوده طائفة فحسب، بل المجتمع البشري كافّة الذي يتمتع بوجوده بصفته مظهر العدل والقسط ومطبق الأحكام الإسلامية.
وإن لم يمارس دوره في شؤون المجتمع وظلّ في غيبته فذلك لبعض الموانع التي يزرعها الناس في طريقه، والناس هم السبب في سلب هذه النعمة، ولو استعد الناس للحكومة العالمية – القائمة على أساس الفضيلة والأخلاق والعدل والقسط ورعاية الحقوق والأحكام الشرعية – لظهر قطعاً، وليس هنالك من توقف للفيض الالهي، بل المجتمع هوالذي يؤخر الظهور والحكومة الحقة. (1) وعليه فاتساع الفساد وسيادة الانحراف لا يعدشرطاً منحصراً لظهور الإمام، بحيث لا نفكر سوى فيه ونسعى لنشره، بل هنالك سبيل أقرب
(1) كشف المراد، طبع صيدا، ص 226.