اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص116
وإن لم يرتبطوا بالوحي، إلّاأنّ علومهم غيبية، فهم يبيّنون الأحكام التي لم يقلها النبي الأكرم صلى الله عليه و آله إثر عدم وجود المقتضي أو انتفاء المانع. فليس هنالك من حجاب بينهم وبين الأحكام الشرعية، وقد ألهمهم اللَّه بلطفه وعنايته كل ما يحتاجه العباد من أحكام إلى يوم القيامة(1) .
وعلى هذا الأساس فليس هنالك من معنى لاجتهادهم في الأحكام، لأنّ الاجتهاد في الأحكام وظيفة من لا يستطيع التوصل إلى الأحكام دون استفراغ الوسع وتطبيق القواعدالأصولية والفقهية، وربّما لا يتوصل إليها حتى بعد تحمل المشقة والعناء، أمّا النبي الأكرم صلى الله عليه و آله الذي يتلقى الأحكام من طريق الوحي ينفتح على المتطلبات البشرية كافّة من حيث الأحكام والمعارف من خلال مجاريها الصحيحة، فإنّ مثل هذا الشخص سوف لن يحتاج إلى الاجتهاد ورد الفرع إلى الأصل واستنباط الجزئيات من الكليات. كما أنّ أوصياءالنبي يعلمون حلال اللَّه وحرامه وأحكامه كافّة ، والذي تتضح له واقعية الأحكام بكل خصائصها لغني عن الاجتهاد.
الاجتهاد يلازم عدم الاطلاع القطعي على الأحكام الواقعية، والأفرادالذين يقفون بصورة قطعية على الأحكام عن طريق الوحي أو وراثة النبي صلى الله عليه و آله ليسوا بحاجةإلى الاجتهاد.
لكن علماء العامة يؤمنون باجتهاد الخلفاء في أغلب الأحكام، وقد وردت آراؤهم بصورة مفصلة في كتب «العقائد والمذاهب»، ولعل السبب الذي دعاهم إلى هذا الاعتقاد مانقلوه من أخطاء عن الخلفاء ولم يكن لهم من توجيه لذلك سوى إن اعتبروهم مجتهدين كالفقهاء بحيث يخطئون أحياناً في بيان الأحكام، ويبدو لهم أنّ خطأ الخلفاء في بيان الأحكام إنّما كان بسبب احتهادهم، ولترسيخ هذه النظرية توسع بعضهم في هذا البحث ليسلط الضوء على علم النبي صلى الله عليه و آله ويخلص في خاتمة المطاف إلى أنّ النبي الأكرم كان يجتهد في الأحكام التي لم يرد فيها نص شرعي !
هذا بيان مختصر للموضوع والتفاصيل في مباحث ” العقائد والمذاهب”.
(1) للوقوف على المزيد راجع اصول الكافي، ص 110.