پایگاه تخصصی فقه هنر

اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص63

هذا العالم أعظم مهد لبلوغ مختلف الكائنات رقيها وتكاملها.

والإنسان أيضاً جزء من هذه الخليقة وأروع ثماره القيمة النفيسة مشمول بهذا القانون ويشارك سائر الكائنات مسيرتها التكاملية، وليس هنالك من هدف يقف وراء خلقه سوى بلوغ تكامله المنشود ؛ وعليه أن يطوي مسيرته التكاملية بمحض إرادته واختياره. بل يمكن القول إنّ العالم برمته خلق لأجله ليوظف إمكاناته كافّة بغية تكامله. وعليه فإنّ اللَّه لم يخلق الإنسان ليرفع عنه نقصاً معيناً، بل خلق الإنسان ليبلغ به كماله ورقيه.

وأوضح من ذلك:

خلق الإنسان ليبلغ به أسمى درجات الكمال على مستوى العلم والحكمة والقدرة والإرادة والتفكير، فيكون بهذه الكلمات المحدودة عاكساً لكلمات الحق المطلقة واللامتناهية. لقد خلق الإنسان وأودعه استعدادات وقابليات عظيمة ونصب له الأنبياء والرسل أمناء على تعليمه وتربيته ليبلغ تكامله في ظل عبودية اللَّه واتباع أوامره فيكون مستعدا للتفاعل مع تلك الحياة الأكمل في العالم الأشمل.

(L ج ج L)

وقد صرحت بعض الآيات القرآنية والروايات الإسلامية بما أوردناه سابقاً؛ فالقرآن يصرح بأنّ الهدف من خلق الإنسان هو تلك الحياة والسعادة الأبدية الآخرة

« أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَاتُرْجَعُونَ»(1)
. والمراد عدم التعامل مع الهدف من خلق الإنسان على ضوء هذه الحياة المادية الضيقة، بل لابدّ من النظر إليه على ضوء العالم الآخر،ولنعلم أنّه بموته سيواصل مسيرته التكاملية ويتجه نحو اللَّه الكمال المطلق. ولعل الهدف الذي صرحت به الآية الشريفة:

« وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(2) .
والذي يتمثل بالعبادة لايعني حاجة اللَّه لطاعة عباده، بل المراد أنّ الإنسان إنّما يبلغ تكامله المنشود من خلال العبودية وطاعة أوامر اللَّه ؛ وهذا ما يقوده بالتالي إلى السعادة الأبدية، وبالطبع فإنّ الفوز بالحياة الأبدية الممزوجة بالسعادة والخير لتشكل الهدف الغائي والذي لا يدعنا


(1) سورة المؤمنون، الآية 115.



(2) سورة الذاريات، الآية 56.