پایگاه تخصصی فقه هنر

اجوبهُ المسایل الشرعیّه-ج1-ص39

وعلى ضوء المبدأ المسلم الذي ذكرناه – من أنّ علم اللَّه هو الواقع ولا يتخلف عنه أبداً -فإنّ كل فعل من أفعالنا بتلك الخصوصية والصبغة التي له في الخارج معلوم لدى اللَّه منذالأزل، أي أنّ اللَّه يعلم منذ الأزل بأنّ ذلك الفعل المعين سيبدر منّا في لحظة معينة بمنتهى الاختيار والحرية، وكذلك الطائفة الثانية من أفعالنا فإنّ اللَّه يعلم منذ الأزل أن فعلاً معيناًسيصدر منّا اضطراراً في ساعة معينة.

وعلى ضوء هذين المطلبين نخوض الآن في توضيح الجواب:

أثبت المطلب الأول أنّ طائفة من أفعالنا أرادية واختيارية وإننا نملك الحرية التامة في تركها أو الإتيان بها. وأثبت المطلب الثاني كما أنّ اللَّه عالم بأصل الفعل، فهو عالم أيضاًبخصوصيته وصفته وأنّه اختياري أم اضطراري، وبعبارة أخرى فإنّ فعلنا بتلك الخصائص والمميزات التي له في الخارج معلوم عند اللَّه. واستناداً لما مرّ معنا بشأن أفعالنا الأختياريةنستنتج أنّ اللَّه كان يعلم منذ الأزل بأنّ الشخص الفلاني سيطعن بالسكين فلاناً من الناس بالساعة الفلانية من اليوم الفلاني بمل إرادته. ومثل هذا العلم السابق )علم اللَّه الأزلي( لايوجد «إجبار» الإنسان وسلبه الحرية والإرادة، ولا يحق للشخص الجاني أن يتذرع بالعلم الإلهي فيعتبر نفسه مجبراً على القيام بتلك الجناية، لأنّ اللَّه لم يكن عالماً بأصل الفعل فحسب، بل كان عالماً بأنّ ذلك الشخص سيرتكب تلك الجناية باختياره وحريته )لابدّ من التأمل(.

وهذا العلم يؤيد ويكشف حرية الإنسان في قيامه بأفعاله دون أن يوجب أي اجبارعليه؛ ذلك لأنّ هذا العلم الذي يأبى مخالفة الواقع بأي شكل من الأشكال يفيد أنّ الإنسان إنّما يقوم بأفعاله على أساس حريته واختياره، ولو فرضنا أنّ ذلك الإنسان كان مجبراً على أفعاله وأنّه يقوم بها دون أدنى اختيار وحرية، لأصبح علم اللَّه مخالف للواقع وكان جهلا.

بعبارة أخرى: إنّنا إن مارسنا أفعالنا – الحسنة أو السيئة – بحرية واختيار فإنّ علم اللَّه سيكون مطابقاً للواقع، بينما سيخالفه إن كنّا مجبرين على تلك الأفعال.

(L ج ج

L)