پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص300

المكاتب ، وعتق به في الظاهر ، واستحق من يد السيد بطل ما حكم به من العتق ، لأن من صفة العرض في الكتابة أن يستحقه السيد ملكا ، والمستحق لا يملكه السيد ، فلم تكمل فيه صفة العتق ، فلذلك لم يقع به العتق ، كمن علق عتقه بصفتين لم يعتق بوجود إحدى الصفتين وإذا كان كذلك صار المكاتب باستحقاق العرض راجعا إلى الكتابة لا إلى الرق ومعنى قول الشافعي : ( وقيل له : إن أديت مكانك وإلا رققت ) يعني : وإلا عجزتك ، فرققت ، لأنه لا يعود إلى الرق إلا بالتعجير دون الاستحقاق ، وإنما يعود إلى الكتابة بالاستحقاق ، فإذا أدى لوقته مثل ذلك العرض عتق به حينئذ ، وإن لم يؤده كان السيد بالخيار بين إنظاره وبين تعجيزه واسترقاقه .

فصل

ولو كان السيد قد استهلك العرض قبل استحقاقه من يده لزمه غرمه لمستحقه ، وكان المستحق بالخيار في الرجوع به على من شاء من السيد المكاتب ، فإن رجع به على السيد فأغرمه إياه بطل به عتق المكاتب ، سواء كان غرمه مثلا أو قيمة ، وإن رجع به على المكاتب فأغرمه ، فإن كان مثلا لأن العرض كان ذا مثل عتق به المكاتب ، لأنه يستحق الرجوع بغرمه على السيد ، فصار الغرم والأداء المستحق عليه أداء إليه ، وإن كان من غرمه المكاتب قيمة ، لأن العرض لا مثل له لم يعتق به المكاتب ، لأن القيمة وإن استحق الرجوع بها على السيد ليست من جنس الكتابة ، فلم يعتق بها ولم تصر قصاصا مع اختلاف الجنسين ، ورجع على سيده بالقيمة ، ورجع السيد عليه بالعرض فإن تبارا عن تراض وقع العتق حينئذ بالإبراء .

فصل

وإذا قال السيد لعبده : إن دفعت إلي هذا الثوب بعينه فأنت حر ، فدفعه إليه ، وكان مغصوبا ، قال الشافعي في ( الأم ) لم يعتق به ، وحمله على الكتابة ، وإن لم تكن كتابة ، وقال في الخلع : إذا قال لزوجته : إذا دفعت إلي هذا الثوب بعينه ، فأنت طالق ، فدفعته إليه ، وكان مغصوبا طلقت ، واختلف أصحابنا ، فكان بعضهم ينقل جواب كل واحد من المسألتين إلى الأخرى ، ويخرجها على قولين :

أحدهما : وقوع العتق والطلاق على ما نص عليه في الخلع .

والثاني : لا يقع العتق ، ولا الطلاق على ما نص عليه في العتق .

وقال آخرون منهم : بل جوابه في الموضعين على ظاهرة يقع الطلاق بالمعين إذا استحق ، ولا يقع به العتق .

والفرق بينهما : أن للزوجة مدخلا في رفع النكاح بالفسخ ، فكان رفعه بالطلاق أوسع حكما ، وليس للعبد مدخل في رفع رقه ، فكان العتق أضيق حكما ، وهذا الفرق يصير والذي أراه أن العتق يقع بالمستحق إذا كان معيناً كما يقع به الطلاق ، لأن