الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص298
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا جن المكاتب لم تبطل كتابته لأمرين :
أحدهما : أن لزومها من أحد الطرفين يمنع من بطلانها بجنون كل واحد من المتعاقدين كالرهن .
والثاني : أن فيها مع المعاوضة عتقا بصفة لا يبطل بالجنون ، فكذلك بالمعاوضة .
فإن قيل : أفليس عقد الكتابة يبطل بالموت ، وإن لم يبطل به الرهن فهلا بطل بالجنون وإن لم يبطل به الرهن ؟ قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن العتق ينافي الموت ، ولا ينافي الجنون ، فلذلك بطل بالموت ، ولم يبطل بالجنون ، والرهن لا ينافي الموت ولا الجنون ، فلذلك لم يبطل بالموت ولا بالجنون .
والثاني : انه لما كان العتق بالصفة يبطل بالموت ، ولا يبطل بالجنون كانت الكتابة بمثابته في بطلانها بالموت دون الجنون .
فإن قيل : فهذا المال غير لازم للمكاتب ، ولو غاب لم يفتش عن ماله فهلا كان في الجنون كذلك ؟ قيل : لأنه قد صار بالجنون مولى عليه فكان للحكام الولي عليه أن يصرف ماله في مصالحه ، وأصلح الأمور تحري عتقه ، وليس كذلك الغائب ، لأنه لا ولاية عليه ومصالحة موكولة إليه ، فإذا لم يجد للمكاتب مالا أحلف الحاكم سيده انه ما قبض مال النجم منه ، وإنه لباق عليه ، لأنه قضاء على مجنون فكان كالقضاء على الغائب ، فإذا حلف السيد حكم لسيده بتعجيزه وإعادته عبدا قنا ، وأخذه بنفقته ، فإن أفاق المجنون بعد استرقاقه وظهر له مال قامت البينة بتقدمه في ملكه أبطل الحاكم تعجيزه ، وحكم بعتقه كما يبطل ما نفذ من أحكامه بالاجتهاد إذا خالف نصا ، وحكم