الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص289
اجتمعا في الوصية ، هل يقدم العتق ، أو يكون أسوة جميع العطايا ؟ على قولين مضيا في الوصايا .
أحدهما : يكون العتق أسوة الوصايا ، فعلى هذا تكون الكتابة أسوة جميع العطايا والوصايا يتحاصون في الثلث على قدر حقوقهم .
والقول الثاني : أن العتق مقدم على جميع العطايا والوصايا ، لفضل مرتبته بالسراية التي تختص به ، فعلى هذا اختلف أصحابنا في الكتابة هل تجري في ذلك مجرى العتق المحض أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنها تجري مجرى العتق المحض ، لإفضائها إليه ، فعلى هذا تقدم الكتابة على جميع الوصايا كما يقدم العتق .
والوجه الثاني : أنها لا تجري مجرى العتق المحض لما فيه من استحقاق العوض ، فصار بالمعاوضات في ابتدائه أشبه ، ولا يوجب إفضاؤه إلى العتق أن يكون مقدما على الوصايا كلها كما لو أوصى الرجل بأبيه لم يقدم على الوصايا وإن أفضى إلى عتقه ، فعلى هذا يكون اسوة جميع الوصايا ، ويقسم الثلث على جميعها بالحصص .
فإن قيل فإذا صار هذا العبد مشتركا بين الموصي والورثة ، فكيف تصح الكتابة في حق الموصي وحده ، وليس لأحد الشريكين أن يكاتب حصته قيل : إنما منع الشريك من مكاتبة حصته لئلا يدخل بها ضرر على شريكه ، والورثة هاهنا إنما صار لهم الملك بعد دخول الضرر بالكتابة فلذلك لم يكن لهم المنع منها .
فإذا صحت الكتابة في ثلثه أدى مالها إلى الورثة فإن وفاه عتق ثلثه ، وكان ثلثاه رقيقا للورثة ، ولا يسري العتق بالكتابة إليه ، لأنه عتق على ميت قد زال ملكه ، وإن عجز المكاتب فرق ثلثه الذي كان مكاتباً ، فهل يعود إلى التركة حتى تتوفر به الوصايا أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يعود إلى التركة لأنه إنما اعتبر من الثلث ليعتق ، فإذا لم يعتق لم يعتبر فيه ، وكان تركة .
والوجه الثاني : لا يعود إلى التركة ، لأن اعتباره في الثلث لم يكن موقوفا على