پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص287

قال الماوردي : وهذا كما قال ، إقرار السيد في مرضه بقبض الكتابة من مكاتبه لازم كالإقرار به في حال الصحة ، سواء كاتبه في المرض أو في الصحة ، لأن من صح منه القبض صح إقراره بالقبض ، ولأنه إقرار بحق ، فصار كالشهادة .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( وإذا وضع عنه دنانير وعليه دراهم أو شيئا وعليه غيره لم يجز ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا كاتبه على دراهم ، وأبرأه من دنانير أو كاتبه على دنانير ، وأبرأه من دراهم لم يبر من شيء من كتابته ، لأن ما أبرأه منه لا يستحقه وما يستحقه لم يبرئه منه ، فكان هذا الإبراء منه عبثا إلا أن يقول وقد كاتبته على ألف درهم : قد أبرأتك بقيمة عشرة دنانير ، فصح إبراؤه من الدراهم بقيمة عشرة دنانير ، وكذلك لو قال من بعد : قد كنت أردت بإبرائي من عشرة دنانير قدر ما يقوم من الدراهم بها عمل على قوله ، وإنما بطلت البراءة إذا لم يصرح بذلك ، ولم يرده ، فإن ادعى المكاتب عليه أنه أراد قيمة عشرة دنانير ، فالقول قول السيد مع يمينه ، ولو وصى السيد بهذا الإبراء كان حكمه مع الوارث كحكمه معه لو كان هو المبرئ .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ( ولو قال قد استوفيت آخر كتابتك إن شاء الله أو شاء فلان لم يجز لأنه استثناء ) .

قال الماوردي : إذا قال : قد استوفيت منك مال كتابتك إن شاء الله أو شاء فلان لم يجز ، وكان إقرارا باطلا ، واختلف أصحابنا في العلة ، فقال بعضهم وهو الظاهر من كلام الشافعي لأن مشيئة الله تعالى استثناء يرفع حكم ما اتصل به ، كما يرتفع به حكم الطلاق ، والعتاق ، والأيمان ، وقال آخرون : لأن مشيئة الله في الكلام تستعمل في المستقبل دون الماضي ، فصار معناه سأستوفي منك إن شاء الله ، وأما إن قال : قد استوفيت منك مال كتابتك إن شاء زيد لم يصح أيضا واختلف أصحابنا في العلة ، فذهب بعضهم إلى ظاهر ما قاله الشافعي انه استثناء .

وقال آخرون : لأنه إقرار مقيد بصفة وحملوا قول الشافعي : لأنه استثناء على مشيئة الله دون مشيئة غيره ، لأن الاستثناء مختص بمشيئة الله وحده .

وأما إن قال : قد استوفيت منك آخر كتابتك وأطلق ، لم يكن هذا إقرار باستيفاء جميع مال الكتابة ، لاحتماله أن يريد به ما حل من نجومه دون ما لم يحل أو أن يريد به آخر نجم دون أوله أو يريد به جميع الباقي بأسره ، فلاحتماله ذلك لم يكن إقرارا باستيفاء جميع المال حتى يريده ، والله أعلم بالصواب .