الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص286
تعجيل العتق ، ووقوف الباقي ، فقال أبو إسحاق المروزي لأن جميع المكاتب حاضر ، والورثة في باقيه على يقين من أحد أمرين : من عتق بأداء ، أو رق بعجز وإنما يمنع من ثبوت الوصية بحاضر إذا كان باقي المال غائبا .
وقال غيره من أصحابنا ، إن العلة فيه أنه دين مؤجل قد أوصى به لمن هو عليه ، فإذا لم يخرج من الثلث برئ من ثلث الدين ، وكان ثلثاه باقيا للورثة إلى أجله ، وهكذا حكم الوصية بالدين .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، الكتابة في المرض المخوف إذا تعقبه الموت معتبر من الثلث ، لأنها كالعطايا والهبات والصدقات ، لأن المأخوذ منها قد كان مستحقا بالملك فخالف البيع الذي لا يستحق الثمن فيه إلا بالعقد ، وإذا كان كذلك ، فهي على الصحة في جميعه ما لم يمت السيد ، فإن قبضها منه في حياته عتق بها إن كان الحاصل من الكتابة مثل قيمته ، وإن نقص فبقسطه من ثلث تركته ، وإن مات السيد قبل الأداء لم يخل حال المكاتب من أن يخرج قيمته من الثلث أو لا يخرج ، فإن خرجت قيمته من الثلث كان على كتابته يؤديها إلى الورثة ليعتق بأدائها أو يسترق بالعجز عنها ، وإن لم يخرج قيمته من الثلث ، ولا كان له مال سواه لزمت الكتابة في ثلثه ، وكان ثلثاه موقوفا على إجازة الوارث ورده ، فإن أجازها الوارث له من جميع الكتابة جازت ، وإن ردها بطلت الكتابة في ثلثيه ، ولزمت في ثلثه ، فإذا أدى ثلث الكتابة عتق ثلثه ، وكان ثلثاه مملوكا .
فإن قيل : كيف تصح الكتابة في ثلثه ، وكتابة بعض العبد لا تصح ، وكيف يعتق ثلثه بأداء ثلث الكتابة وصفه العتق مشروطة بأداء الجميع ؟
قيل : لأن عقد الكتابة قد كان على جميعه ، فصحت ، وإنما بطل بعضها في حق الوارث ، فلم يوجب بطلان باقيها في حق الموروث لاختصاص كل واحد منها بحقه .
وإذا عادت الكتابة إلى ثلثه عاد مالها إلى ثلثه ، فصار هو المشروط في العتق .