الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص275
للمكاتب لم يكن للمكاتب أن يقتص من أبيه لعبده ، لأنه لما لم يكن له أن يقتص منه بنفسه فأولى أن لا يقتص منه بعبده ، وكذلك لو كان القاتل أب العبد المقتول لم يكن للمكاتب أن يقتص من والد بولد .
فأما إن كان القاتل ابن المكاتب فللمكاتب أن يقتص من ابنه بعبده ، لأنه يجوز أن يقتص منه بنفسه ، وكذلك لو كان القاتل ابن العبد المقتول فللمكاتب أن يقتص منه ، لأنه يجوز أن يقتص من ولد بوالد .
فأما إن عفا المكاتب عن القصاص صارت الدية هدرا كالخطأ ، فلو عجز المكاتب ، وعاد عبداً قبل العفو والقصاص ، فللسيد من القصاص ما كان للمكاتب يقتص ممن كان للمكاتب أن يقتص منه ، ولا يجوز له أن يقتص ممن لم يكن للمكاتب أن يقتص منه .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا جنى المكاتب جناية توجب المال تعلقت برقبته ، ووجب عليه أن يؤديها من كسبه ، لأن بقاء الكتابة يمنع من جواز بيعه ، وله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يؤدي مال الكتابة ويعتق به ، فينتقل ضمان الجناية من رقبته إلى ذمته ، لأنه قد صار هو المستهلك لرقه بالأداء ، فلزمه ضمان ما استهلك ويكون ضامنا لأقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته قولا واحدا ، لأنها طرأت وهو مكاتب لا يجوز بيعه .
والحال الثانية : أن يعجل السيد عتقه قبل الأداء ، فيكون السيد هو الضامن لأرش جنايته بأقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية ، لأنه أعتقه بغير الكتابة المتقدمة على الجناية ، فصار مستحدثاً لاستهلاك رقبيه فلذلك ضمن جنايته ، ووجب فيها أقل الأمرين قولا واحداً ، كما لو ضمنها المكاتب .
والحال الثالثة : أن يعجز ويرق فقد اختلف أصحابنا هل تعتبر جنايته بابتدائها في مال كتابته أو بانتهائها بعد رقه ؟ على وجهين :
أحدهما : بابتدائها في الكتابة ، فعلى هذا يفديه السيد بأقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته .