الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص272
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا قطع المكاتب يده سيده ، فإن كان عمدا فللسيد القصاص قبل الاندمال وبعده ، وتكون الكتابة بعد الاقتصاص كحالها قبله ، وإن كان خطأ أو عمدا عفا عن القصاص فيه ، فهل له الدية قبل الاندمال أم لا ؟ على قولين :
أحدهما يستحقها قبل الاندمال كالقصاص .
والقول الثاني : لا يستحقها قبل الاندمال بخلاف القصاص ، لأن وجوب القصاص مستقر ، ووجوب الدية مترقب قبل الاندمال لجواز الزيادة بالسراية أو النقصان بالمشاركة ، فلم يحكم بها إلا بعد الاندمال ، فعلى هذا إذا قلنا بالأول أن الدية تستحق قبل الاندمال ، فقد اجتمع للسيد على مكاتبه حقان مال الكتابة ، وأرش الجناية ، وفي قدره قولان :
أحدهما : أقل الأمرين من قيمة المكاتب أو دية اليد .
والقول الثاني : دية اليد ، وإن كانت أضعاف قيمته ، فإذا اجتمع على المكاتب هذان الحقان من مال الكتابة ، وأرش الجناية ، أخذه السيد بهما ، فإن اتاه المكاتب بأحدهما نظر ، فإن جعله المكاتب من أرش الجناية لم يكن للسيد أن يجعله من مال الكتابة ، وكان مال الكتابة باقيا إن عجز عنه المكاتب ، فللسيد تعجيزه به وإعادته إلى الرق ، وإن جعل المكاتب ما أداه مصروفا إلى مال الكتابة دون ارش الجناية فللسيد الخيار في قبوله من مال الكتابة أو العدول به إلى أرش الجناية ، لئلا يعتق بالكتابة ، ويتوى بإعساره وحريته أرش الجناية ، فإن اختاره أخذه من ارش الجناية كان ذلك بموافقة المكاتب عليه ، وبقي له مال الكتابة ، وإن رضى أن يأخذه من مال الكتابة عتق به ، وصار أرش الجناية دينا عليه بعد حريته ، وليس له تعجيزه به ، وكان قدر الارش معتبرا بما ذكرنا من القولين .
إما أن يكون قبل عتق المكاتب بالأداء أو بعده ، فإن كان قبل عتقه بالأداء فقدر