الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص271
والحال الرابعة : أن يدعو صاحب الجناية إلى إنظاره ، ويدعو السيد إلى تعجيزه ، فتعجيز السيد أحق من إنظار صاحب الجناية ، فإذا عجزه السيد وفي يده مال كان أرباب الديون أحق بذلك المال وجها واحداً ، لأنه قد صار عبداً ، وما بيد العبد من مال فصرفه في ديون معاملاته أحق من سيده ، ومن جناياته ، فإن بقيت من ديونهم بقايا كانت في ذمته بعد عتقه وبيع في الجناية إلا أن يفديه السيد منها ، وإن فضل بعد الديون فضل كان صرفه في مستحق الجناية أحق من السيد ، وبيع في باقي جنايته إلا أن يفديه السيد منها .
قال الماوردي : وقد ذكرنا أن المكاتب لا يجوز أن يعجز إلا بمال الكتابة وأرش الجناية ، فإذا عجز بهما أو بأحدهما لم يجز أن يباع في مال الكتابة ، لأمرين :
أحدهما : انه غير مستقر .
والثاني : انه ملك للسيد ، فلم يجز أن يباع عليه في حقه ، فأما بيعه في أروش جناياته فمستحق إلا أن يفديه السيد منها ، فإن فداه منع من بيعه ، وفيما يفديه به قولان :
أحدهما : بأقل من قيمته أو أروش جناياته .
والقول الثاني : يفديه بأروش جناياته كلها ، وإن كانت أضعاف قيمته ، وإن لم يفده بيع جبراً عليه ، وكان ثمنه مصروفا في أروش الجنايات سواء كانت مجتمعة أو متفرقة يشترك فيه من تقدمت جنايته وتأخرت ، فلو جنى قبل الكتابة ثم جنى في حال الكتابة ثم جنى بعد التعجيز اشترك أرباب الجنايات الثلاث في ثمنه ، لتعلق جميعها برقبته يتحاصون فيه بقدر أروشهم ، فلو عفا أحدهم عن حقه وأبرأه من أرشه رجع حقه على الباقين ، ولم يرد على السيد لأنه لو انفرد أحدهم لاستوعب بالجناية جميع ثمنه ، وجرى مجرى أهل الوصايا إذا ضاق الثلث عنهم وعفا أحدهم توفر سهمه على الباقين منهم ، وكغرماء المفلس إذا أبرأه أحدهم .