پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص265

يصح تخريجه في الكتابة ، ويجوز أن تكون موقوفة كالتدبير كما يصح أن تكون محاباة المريض ، وهباته موقوفة ، فعلى هذا تكون الكتابة على ثلاثة أقاويل :

أحدها : جائزة ، سواء عاد إلى الإسلام أو قتل بالردة .

والثاني : باطلة سواء عاد إلى الإسلام أو قتل بالردة .

والثالث : أنها موقوفة ، فإن عاد إلى الإسلام صحت ، وإن قتل بالردة بطلت .

فصل

فإذا تقرر ما ذكرنا من الأقاويل الثلاثة ، فإن قلنا ببطلان الكتابة لم يعتق المكاتب فيها بالأداء ، لأنها بطلت بحكم المنع منها ، فجرت مجرى كتابة الصبي والمجنون لا يقع العتق فيها بالأداء وإن قلنا بجواز الكتابة ، فإن أداها المكاتب إليه قبل حجر الحاكم عليه عتق ، وإن أداها إليه بعد الحجر عليه لم يعتق لدفعها 0 إلى غير مستحق لقبضها ، وأخذ بأدائها إلى الحاكم ، فإن عجز عنها أعاده بالتعجيز عبدا ، وإن أسلم المرتد عتق عليه بما استأداه في ردته ، وخالف ما يستأديه المحجور عليه بالسفه إذا فك حجره في أنه لا يعتد بأدائه في حال حجره ، لأن حجر السفه في حق السفيه حفاظا لماله عليه ، فلذلك لم يحتسب بالأداء ، وحجر الردة في حق المسلمين لحفظه عليهم ، فإذا زاد صار له ، فاحتسب به ، وجرى مجرى رجل كان عليه دين فدفعه إلى ابن صاحب الدين لم يبرأ بدفعه فلو مات صاحب الدين وورثه ابنه برئ بذلك الدفع ، وإن قلنا توقف الكتابة كان الأداء فيها إلى المرتد موقوفا ، فإن عاد إلى الإسلام صحت الكتابة والأداء ، وصار المكاتب حرا ، وإن قتل بالردة بطلت الكتابة والأداء ، وكان المكاتب عبدا لكافة المسلمين .

فصل

والقسم الثالث : أن يستأنف كتابته بعد الحجر عليه في ردته ، فقد اختلف أصحابنا ، فالذي عليه جمهورهم أن الكتابة باطلة قولا واحداً ، لأن ثبوت الحجر يمنع من نفوذ العقود ، ومنهم من خرجها على الأقاويل ، وهو قول من أثبت الحجر بنفس الردة ، ولذلك سوى بين الحالين ، ويكون الحكم فيها إن بطلت أو صحت على ما قدمناه .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( ولو ارتد العبد ثم كاتبه جاز وكان حكمه حكم المرتد ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا ارتد العبد ، فكاتبه السيد بعد ردته صحت كتابته لبقائه بعد الردة على ملك السيد ، وجواز تصرف السيد فيه ببيعه وعتقه ، ولا يحجر عليه بالردة في كسبه ، لأن كسبه ملك لسيده ، ويؤخذ بأدائه إلى السيد في كتابته ، فإن أداها عتق بها ثم روعي حال ردته ، فإن قتل بها كان ماله فيئا . وإن تاب منها بالإسلام كان ماله إن مات ميراثا لسيده بالولاء ، وإن عجز عن الأداء عاد عبداً ، وقتل بالردة إن أقام عليها ، وكان ما بيده للسيد ملكا لا إرثا وبالله التوفيق .