پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص257

كتابه الحربي
مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( إذا كاتب الحربي عبده في دار الحرب ثم خرجا مستأمنين أثبتها إلا أن يكون أحدث له قهرا في إبطال كتابته فالكتابة باطلة ) .

قال الماوردي : وهذا كما قال ، واصل ذلك أن أهل الحرب يملكون ملكا صحيحا عند الشافعي .

وقال مالك : لا يملكون .

وقال أبو حنيفة : يملكون ملكا ضعيف ، وللكلام عليها موضع قد تقدم ، وفي قول الله تعالى : ( وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم ) [ الأحزاب : 27 ] دليل كاف ، لأنه أضاف ذلك إليهم إضافة ملك تام .

وإذا ثبت ملك الحربي ، فكاتب عبده في دار الحرب صحت كتابته ، لأن الكتابة عتق بعرض يملك الحربي كل واحد منهما ، فملك الجمع بينهما فإذا دخل الحربي بمكاتبه إلى دار الإسلام كانت الكتابة بحالها ، ولا يعترض عليهما فيها ما لم يترافعا فيها إلينا ، فإن ترافعا إلينا اعتبرناها ، فإن عقدت بما تصح به كتابة المسلم حكم بصحتها ، وإن عقدت بما لا تصح به كتابة المسلم حكم بفسادها .

فصل

فأما إذا أحدث له السيد قهراً أبطل به كتابته ، روعي حال قهره وإبطاله لكتابته ، فإن فعل ذلك في دار الحرب نفذ حكم قهره ، وبطل ما عقده من كتابته ، لأن دار الحرب دار إباحة ومن تغلب فيها على شيء ملكه ألا ترى أن عبداً لو تغلب على سيده في دار الحرب فاسترقه ، ودخل به دار الإسلام ملكه ، وصار العبد حرا مالكا

لسيده ، والسيد مملوكا لعبده ؟ كذلك عليه السيد على مكاتبه ، وإبطاله لكتابته تشارك على تغليبه وقهره ، فإذا دخلا بعد ذلك دار الإسلام أقرا على ما خرجا عليه من دار الحرب ، وبطلت الكتابة ولم يعتق فيها بالأداء ، وإن دخلا دار الإسلام وهما على الكتابة ثم استأنف السيد فيها فسخ الكتابة غلبة وقهراً لم تنفسخ ، وكانت على لزومها ، ويؤخذ السيد بحكمها بخلاف فعله في دار الحرب ، لأن دار الإسلام دار عدل وأمان ، ودار الحرب دار غلبة وقهر ، قال النبي ( ص ) ( منعت دار الإسلام ما فيها ، وأباحت دار الشرك ما فيها ) .