پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص251

والجواب الثاني : للشافعي مع إثبات الزيادة أنه كان ذلك من رسول الله ( ص ) لسبب خاص دعت إليه حادثة خاصة ، وقد أطلق الشافعي ذلك ، واختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه أذن به في وقت جوازه ثم ورد بعده نسخ ، فأظهر نسخه ففسخه كما أمر سهلة أن ترضع سالما خمس رضعات ، وكان كبيرا ، ثم نسخ رضاع الكبير ، وقال : ( الرضاعة من المجاعة ) .

والثاني : أنهم في الجاهلية كانوا يتبايعون الولاء ويرونه مالا ، فغلظ الأمر فيه مع نهيه عن بيعه بأن أبطله عليهم بعد بيعه ، ولذلك غضب ، وصعد المنبر ، وخطب وقال : ( ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ؟ قضاء الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق ) .

والثالث : إنه لما نهاهم عن بيع الولاء وهبته ظنوا أن نهيه إنما توجه إلى إفراده بالبيع ، وانه إذا كاغن مشروطا في بيع جائز صح ، فأحب أن يفسخه عليهم بعد شرطه ، ليكون الفسخ أوكد ، والنبي أغلظ ، كما انهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من الكبائر ، فلما أذن لهم فيها بقول الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) [ البقرة : 196 ] توقفوا ، فأذن لهم في الإحرام بالحج ، ثم فسخ عليهم إحرامهم بالحج ، وجعله عمرة ليكون تغليظاً عليهم في إثبات أوامره ، فهذا جواب ثان .

والجواب الثالث : وهو جواب المزني أن قول النبي ( ص ) : ( واشترطي لهم الولاء ) بمعنى واشترطي عليهم الولاء ، لأنه من الألفاظ التي يقوم بعضها مقام بعض ، كما قال تعالى : ( لهم اللعنة ) [ الرعد : 25 ] بمعنى : عليهم اللعنة ، وقال تعالى : ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) [ الإسراء : 7 ] أي فعليها ، وقد رد أصحابنا عليه هذا الجواب من وجهين :

أحدهما : أن موضع الكلام أن يحمل على حقيقته دون مجازه إلا في موضع لا يمكن استعماله على الحقيقة ، فيعدل به إلى المجاز ، واستعمال الحقيقة هاهنا ممكن في نظم الكلام .

والثاني : أن خروج النبي ( ص ) مغضبا ، وقوله في خطبته : ( ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط ) دليل على أن الشرط كان لهم ، فأبطله عليهم ، فهذا حكم الجواب الثالث .

والجواب الرابع : وهو جواب أبي علي بن أبي هريرة أن قول النبي ( ص ) ( واشترطي لهم الولاء ) خارج منه مخرج الوعيد والتهديد ، لا مخرج الإذن والجواز ، كما قال