الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص243
في الإملاء على كتاب مالك إنه لو كاتب المكاتب عبده فأدى لم يعتق كما لو أعتقه لم يعتق ( قال المزني ) هذا عندي أشبه ) .
قال الماوردي : وصورتها في مكاتب ملك عبداً فأعتقه أو كاتبه ، فنفوذ ذلك معتبر بإذن سيده فيه ، فإن أعتق أو كاتب بغير إذن سيده كان عتقه مردوداً ، لأنه استهلاك ملك وكتابته باطلة ، لأن مقصودها العتق ، وإن عتق أو كاتب بإذن سيده ، ففي عتقه وكتابته قولان :
أحدهما : بطلانها ، ولا يصح من المكاتب عتق ولا كتابة ، لنقص ملكه وتصرفه ، فصار أسوأ حالا من المجنون الذي يبطل عتقه بنقص تصرفه مع تمام ملكه ، ولأن نفوذ العتق يوجب ثبوت الولاء ، لقول النبي ( ص ) ( الولاء لحمة كلحمة النسب ) والمكاتب لا يستحق الولاء ، فلم يصح منه العتق ، وهذا اختيار المزني .
والقول الثاني : أن عتقه نافذ وكتابته جائزة ، لأنه ممنوع من ذلك من جهة سيده ، فاقتضى أن يزول المنع بإذنه كما يزول منع الرهن من العين بإذن المرتهن ، ولأن حال المكاتب لا يخلو إما أن يكون مشتركا بينهما أو لأحدهما ، فاقتضى أن ينفذ العتق على الأحوال باجتماعهما لاختصاص الملك بهما ، وعلى هذا القول يكون التفريع ، فإذا أنفذ العتق ، وصحت الكتابة ، ففي ولاء المعتق قولان :
أحدهما : يكون للسيد لأن الولاء ثابت بالعتق لمالك معين ، وليس المكاتب ممن يملك الولاء قبل عتقه ، فوجب أن يكون لسيده الذي لم يتم العتق إلا بإذنه ، وعلى هذا إن مات المعتق كان ميراثه بالولاء لسيده ولو عتق المكاتب بالأداء فهل يجر إليه ولاء معتقه ، وينتقل عن سيده إليه أم لا ؟ على وجهين حكاهما ابن أبي هريرة :
أحدهما : لا يجر الولاء ، ويكون باقيا للسيد ، لأن ثبوت الولاء كالنسب ، والنسب لا ينتقل عن محل ثبوته ، فكذلك الولاء يكون للسيد ثم لعصبته من بعده .
والوجه الثاني : يجر الولاء ، وينتقل عن السيد إليه لمباشرته العتق ، لأنه لما لم ينجر ولاء الأولاد عن معتق الأم إلى معتق الأب وهو غير مباشر لعتق الأولاد ، فأولى أن لا ينجر ولاء العتق في المباشرة عن السيد إلى المكاتب المباشر للعتق ، فهذا حكم الولاء إذا قيل إنه للسيد .
والقول الثاني : أن الولاء يكون موقوفا على المكاتب المعتق دون السيد لقول النبي ( ص ) ( الولاء لمن أعتق ) وليس يمتنع وقوف الولاء لأنه ليس بأوكد من النسب الذي يجوز أن يوقف عند الاشتراك في الفراش على بيان القافة أو انتساب الولد ، فكان الولاء في الوقوف بمثابته ، ويراعى حال المكاتب المعتق ، فإن عتق بالأداء كان له ولاء