الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص238
والوكيل ، ويكون مستحقا للمتبايعين ما لم يفترقا بأبدانهما ، فإن مات أحدهما ، فهل يكون قطعا للخيار كالافتراق بالأبدان ؟
قال الشافعي في هذا الموضع من كتاب المكاتب ( وإذا باع فلم يفترقا حتى مات المكاتب وجب البيع ) ، وظاهر هذا الوجه انقطاع الخيار بالموت ، وقال في كتاب البيوع ( إذا مات أحد المتبايعين قام الوارث مقامه ) وهذا يوجب أن يكون الخيار موروثا لا ينقطع بالموت فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين الجوابين على ثلاثة مذاهب :
أحدها : أن خيار المجلس لا ينقطع بالموت قولا واحداً ، وينتقل إلى وارث الحر وسيد المكاتب ، وقول الشافعي في موت المكاتب وجب البيع ، يريد به الرد على من قال إن موت المكاتب في خيار المجلس يبطل البيع ، لأنه يموت عبدا ولم يرد به انقطاع الخيار .
والمذهب الثاني : أن اختلاف الجوابين محمول على اختلاف قولين في موت الحر والمكاتب :
أحدهما : ينقطع خيار المجلس بالموت في بيع الحر وبيع المكاتب على ما قاله في المكاتب ، لأنه لما انقطع بافتراق الأبدان كان أولى أن ينقطع بافتراق الأرواح والأبدان .
والقول الثاني : أن الخيار لا ينقطع بموت الحر ولا بموت المكاتب ، وينتقل عن الحر إلى وارثه ، وعن المكاتب إلى سيده على ما نص عليه في البيوع ، لأنه لما لم ينقطع بافتراق الأبدان ، فأولى أن لا ينقطع بافتراق الموت .
والمذهب الثالث : أن الجواب على ظاهره في الموضعين ، وأنه لا ينقطع بموت الحر ، وينتقل عنه إلى وارثه وينقطع بموت المكاتب ولا ينتقل عنه إلى سيده .
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن المال ينتقل عن الحر ميراثا ، وعن المكاتب ملكا ، فقام وارث الحر مقامه ، ولم يقم سيد المكاتب مقامه .
والثاني : أن نظر المكاتب في مدة الخيار عائد إلى سيده ، فاكتفى السيد فيه بنظر مكاتبه ، وكذلك الوكيل لا ينتقل خيار المجلس بموته فيه إلى الموكل ونظر الحر لنفسه فانتقل بموته إلى وارثه ليستدرك به الحظ إلى نفسه .