والثاني : يلزمه قبوله فيه لأن احرازها متماثلة ، واستيطان كل واحد منهما ممكن ، والله أعلم .
مسألة
قال الشافعي رحمه الله : ( ولو عجل له بعض الكتابة على أن يبرئه من الباقي لم يجز ورد عليه ما أخذ ولم يعتق لأنه أبرأه مما لم يبرا منه ) .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا كان على المكاتب ألف درهم إلى سنة فشرط أن يعجل له خمسمائة على أن يبرئه من الباقي لم يجز ، لأنه يضارع الربا لأن ربا الجاهلية أن يزيد في المال ليزيد في الأجل ، فيعطي خمسمائة معجلة بألف إلى سنة ، وهذا نقص في المال لنقصان الأجل ، فبذل ألفا إلى سنة بخمسمائة معجلة ، فاستويا في حكم الربا والتحريم ، وإذا ثبت فساده بما ذكرنا بطل التعجيل وكان باقي الكتابة إلى أجله وإذا بطل التعجيل بطل الإبراء ، لأن الإبراء في مقابلة التعجيل ، فصارا باطلين .
فصل
ولو ابتدأ المكاتب فعجل من الألف خمسمائة ، وأبرأه السيد من غير شرط من باقيها ، وهو خمسمائة كان هذا جائزا كما لو أقرضه خمسمائة فرد عليه ألفا من غير شرط جاز ، بخلاف ما لو كان عن شرط ، فأما المزني فإنه اشتبه عليه ما قاله الشافعي ، فقد قال الشافعي في هذا الموضع : وضع وتعجيل لا يجوز ، وأجازه في موضع آخر ، فتوهم أن الشافعي اختلف قوله في الإبراء على شرط التعجيل ، وليس الجواب مختلفا كما توهمه المزني ، وإنما أجاز التعجيل والإبراء بغير شرط وأبطلهما مع الشرط ، فاختلف جوابه لاختلاف الشرط ، لا لاختلاف القول .
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه : ( فإن أحب أن يصح هذا فليرض المكاتب بالعجز ويرض السيد بشيء يأخذه منه على أن يعتقه فيجوز ( قال المزني ) عندي أن يضع عنه على أن يتعجل وأجازه في الدين ) .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا اختار التوصل إلى وقوع العتق ببعض الباقي ، فعجز المكاتب نفسه حتى عاد عبداً ، ثم استأنف السيد بعد العجز فقال له : إن أعطيتني دينار فأنت حر ، جاز لأنهما بعد بطلان الكتابة بالعجز قد استأنفا عتقا بصفة ، فصار العتق واقعا بهما لا بالكتابة .
فصل
ولكن لو جعلا عتق الصفة مشروطاً بالعجز ، فقال السيد : إن عجزت نفسك أو أعطيتني دينار فأنت حر ، فعجز المكاتب نفسه ، وأعطى دينار عتق به ، وكان هذا أحوط للمكاتب مما تقدم ، لأنه إذا عجز نفسه فقد انعقدت الصفة بعتقه ، لوجود