الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص207
كان المال حاضرا ، فأذن أحدهما للآخر أن يسبقه بقبض حقه فقبضه ، وتلف الباقي كان للشريك الثاني أن يرجع على السابق بنصف ما قبض ، لأن الإذن بالسبق معتبر بأن يتعقبه قبض الآخر ، كذلك الإذن في التعجيل .
والقول الثاني : وهو الأصح أن التعجيل صحيح ، تعتق به حصة المتعجل ، وليس للآذن أن يرجع عليه بشيء منه لأمرين :
أحدهما : أن الآذن لم يملك ما بيد المكاتب ، وإنما ملك الحجر عليه بحق كتابته ، فإذا أذن في التقديم فقد أسقط حقه من الحجر ، فلم يستحق الرجوع وجرى مجرى البائع يستحق حبس المبيع على قبض ثمنه ، فإذا سلمه سقط حقه في احتباسه ، وكالمرتهن في احتباس الرهن .
والثاني : أن إذنه بالتعجيل كالهبة ، لا يجوز له أن يرجع فيما وهب فكان أولى أن لا يرجع فيما أذن .
وإن قلنا بالقول الثاني : أن التعجيل صحيح ، وأنه لا رجوع للآذن فيه ، فقد عتقت حصة المتعجل ، وفي سراية عتقه إلى حصة شريكه قولان :
أحدهما : لا تسري ، ويكون باقيه على كتابته إن أداها إلى شريكه عتق ، وإن عجز عنها رق ، وكان نصفه حراً ، وولاؤه للمتعجل ونصفه مملوكا للآذن ، وإنما لم يسر عتقه ، لتقدم سببه الذي اشتركا فيه .
القول الثاني : أن عتقه يسري في باقيه إن كان المتعجل موسراً لقيمته ، لاختصاصه بما عتق به ، فعلى هذا في زمان سرايته قولان :
أحدهما : انه يسري لوقته ويعتق عليه جميعه في الحال ، ويؤخذ بقيمته حصة شريكه دون التعجيل ، وإنما تعجل العتق بالسراية ، لأنه إذا تعلق العتق بسببين روعي أعجلهما في وقوع العتق به ، كما لو قال لعبده : إن دخلت الدار فأنت حر ، وإن كلمت زيداً فأنت حر ، فعلى هذا تنفسخ الكتابة بالتقويم ، ليعود رقيقا مقوما وفيما يعتق به ما قدمناه من الأقاويل الثلاثة ، ويكون ولاء جميعه للمتعجل بالأداء والتقويم ويرجع الآذن