الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص192
قال الماوردي : وقال أبو حنيفة : يجوز لولي اليتيم أن يكاتب عبده إذا كانت الكتابة بأكثر من قيمته ، ليستفيد الزيادة عليها ، كما يجوز له بيعه بأكثر من قيمته ، وهذا فاسد ، لأن المندوب إلى الكتابة هو المندوب إلى العتق فلما لم يجز للولي أن يعتق لم يجز أن يكاتب ولأنه يؤدي مال الكتابة من أكسابه واليتيم يملكها بغير الكتابة فلم يجز أن يستهلك رقه بالكتابة .
فأما بيعه بأكثر من قيمته فإنما جاز للولي أن يفعله ، لأن هذه الزيادة لا تستفاد بغير البيع ، فجاز أن يستفيدها له بالبيع ، وليس كذلك الكتابة ، لأن زيادة أكسابه تملك عليه بغير الكتابة .
فإن قيل : فقد يملك المكاتب في حال كتابته ، من سهم الزكاة ما لا يملكه في رقه ، فاستفاد بالكتابة ما لم يملكه مع الرق .
قيل : هذا مظنون ، وليس من أكسابه اللازمة ، وقد يجوز أن يكون ولا يكون ، فلم يجز أن يستهلك رقه بالمظنون فعلى هذا لو كاتبه الولي كانت كتابته باطلة لا يعتق فيها بالأداء ، سواء أداها إلى الولي أو إلى اليتيم بعد بلوغه .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا اختلفا في صفة الكتابة مع اتفاقهما على العقد واختلافهما فيه ، قد يكون من أربعة أوجه : إما في قدر المال : فيقول المكاتب على ألف ، ويقول السيد : على ألفين أو يختلفان في صفته فيقول المكاتب : على دراهم سود ، ويقول السيد : على دراهم بيض .
أو يختلفان في الأجل فيقول السيد إلى ستة ، ويقول المكاتب : إلى سنتين . أو يختلفان في عدد النجوم ، فيقول السيد : الأجل سنة قد اتفقنا عليها أنها في نجمين . ويقول المكاتب في أربعة انجم فيكون اختلافهما في صفة الكتابة من هذه الأوجه الأربعة سواء في الحكم ، فإن كانت لأحدهما بينة عمل عليها والبينة شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، لأنها في حقوق الأموال ، وإن لم يكن لواحد منهما بينة تحالفا ، كما يتحالف المتبايعان إذا اختلفا .
فإن حلف أحدهما ، ونكل الآخر قضي بقول الحالف منهما على الناكل ، فإن حلفا معا لم يخل أن يكون ذلك قبل العتق أو بعده ، فإن كان قبل العتق وقع الفسخ بينهما ، وفيما يقع به الفسخ وجهان :